كثُر الكلام حول بعث جيش أسامة رضي الله عنه، وادعى بعض الطاعنين أن الصحابة الكرام – وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما – تخلفوا عن الخروج فيه، بل نسبوا إليهم المخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحقيقة أن هذه الدعوى لا تصمد أمام التحقيق العلمي والنقل الصحيح، إذ إن الروايات الثابتة عند أهل السنة بل وحتى في مصادر الشيعة نفسها تُظهر بجلاء أن الأمر لم يكن تخلفًا ولا عصيانًا، بل كان إذنًا من القائد أسامة رضي الله عنه لأبي بكر وعمر بالبقاء لما تقتضيه مصلحة الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
يتناول المقال رواية الطبرسي في كتابه إعلام الورى بأعلام الهدى (ج1 ص272) التي تُصرح بأن أبا بكر وعمر لم يتخلفا عن جيش أسامة إلا بعد أن استأذنا القائد فأذن لهما، مما ينقض دعوى الخصوم من أساسها. كما يوضح المقال الموقف الشرعي لأبي بكر رضي الله عنه الذي تمسك بإنفاذ بعث أسامة قائلاً: «لا أحل راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم»، ويبين أن بقاء بعض الصحابة في المدينة كان ضرورة لمواجهة المرتدين وحفظ بيضة الإسلام.
اخترنا لكم من موقع السقيفة:
العباس والفضل وعلي بن أبي طالب موجودون برزية الخميس
العباس والفضل وعلي بن أبي طالب موجودون برزية الخميس
قال: ولما بايع الناس أبا بكر قيل له: لو حبست جيش أسامة واستعنت بهم على من يأتيك من العرب؟ وكان في الجيش عامة المهاجرين، فقال أسامة لأبي بكر: ما تقول في نفسك أنت؟ قال: قد ترى ما صنع الناس، فأنا أحب أن تأذن لي ولعمر، قال: فقد أذنت لكما...
إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي الجزء الأول ص272