من المسائل التي كثر فيها الجدل بين المفسرين وأهل العلم مسألة الاستغفار للكافر بعد موته، وقد ورد في هذا الباب أثر منسوب لابن عباس رضي الله عنهما، جاء فيه قوله.: «ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له»، وذلك عند وفاة رجل نصراني.
غير أن هذا الأثر – مع شهرته عند بعض المفسرين – لا يثبت عن ابن عباس، بل تعرّض له العلماء بالنقد سندًا ومتنًا. ومن أبرز من ناقش هذا الأثر العلامة أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري، حيث بيّن ما فيه من شذوذ في المتن ومخالفة صريحة لما جاء في القرآن الكريم من النهي عن الاستغفار للمشركين. كما أن في سنده ضعفًا شديدًا لوجود ابن وكيع، وهو متكلم فيه، إضافة إلى اضطراب في اسم الراوي بين "فضيل" و"محمد بن فضيل"، والصواب الثاني.
مقالات السقيفة ذات صلة: |
شبهة حديث "لا إيمان لمن لا تقية له" شبهة حول حديث لطمة موسى لملك الموت |
هذا المقال يتناول بالدراسة والتحليل سند الأثر ومتنَه، مع توضيح سبب ضعفه، وبيان خطورة الاستدلال به في تقرير مسائل عقدية تخالف النصوص القطعية، ليكون القارئ على بيّنة من صحة المنقول، ومراتب الآثار في ميزان النقد الحديثي.
ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له (قول ابن عباس):
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا فضيل عن ضرار بن مرة عن سعيد بن جبير قال: «مات رجل نصراني، فوكله ابنه إلى أهل دينه فأتيت ابن عباس فذكرت ذلك له فقال: ما كان عليه لو مشى معه وأجنه واستغفر له؟ ثم تلا "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعداها إياه».
هذا الأثر ضعيف لأمور:
• ابن وكيع وهو سفيان وأقل أحواله أنه ضعيف جداً.
الصواب:
ابن فضيل وليس فضيل وهو محمد بن فضيل والسبب أن محمد بن فضيل هو الذي يروي عنه ابن وكيع ويروي عن ضرار بن مرة وسيأتي دليل آخر.
هناك شذوذ في المتن فظاهره يجيز الاستغفار حتى بعد الممات ونبه على هذا العلامة أحمد شاكر في تحقيق تفسير الطبري.