الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعين.
يُعَدُّ بابُ الكرامات وأسباب الرزق من المواضيع التي تشدُّ القلوب وتثيرُ الاهتمام، وقد جاءت النصوص الشرعية لتُقرِّر أنّ الرزق بيدِ الله سبحانه وتعالى، يُؤتيه مَن يشاء بغير حساب، ويُسخِّر له الأسباب الظاهرة والباطنة. ومن الأحاديث الواردة في هذا الباب، ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط، من قصّة رجلٍ خرج إلى البريّة لحاجته، فدعت زوجته الله تعالى أن يرزقهم قوتًا، فكان من أمرها ما فيه عبرةٌ عظيمة ودلالةٌ بيِّنة على كرم الله تعالى ولطفه بعباده. هذا الحديث الذي صححه العلّامة الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة، يفتح لنا أبواب التأمل في معنى التوكّل، وكيف يجمع العبد بين الدعاء والأخذ بالأسباب.
(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ: نَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: أَصَابَ رَجُلٌ حَاجَةً فَخَرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مَا نَعْتَجِنُ وَمَا نَخْتَبِزُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ وَالْجَفْنَةُ مَلأَى عَجِينًا، وَفِي التَّنُّورِ جَنُوبُ الشِّوَاءِ، وَالرَّحَا تَطْحَنُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنْ رِزْقِ اللَّهِ، فَكَنَسَ مَا حَوْلَ الرَّحَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ تَرَكَتْهَا لَدَارَتْ، أَوْ قَالَ: طَحَنَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة".
مقالات السقيفة ذات صلة: |
- حديث النهي عن كتابة الحديث: بين ضعف السند وصحة البيان - الشيعة: بَنُو أُمَيَّةَ هُمُ الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ وأنها الزَّقُّوم |
لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ إِلا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَلا عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ إِلا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ.
المعجم الاوسط للطبراني رقم الحديث 5734
وقد صحّح الحديث الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة
ولا يوجد فيه أي اشكال فالرواية لا تدل ان الله انزل عليها من السماء رزقا
بل ربما اتى رجل وتصدق عليها وهذا ليس فيه أي نكارة.
هذا الحديث لا إشكال فيه من حيث المعنى، إذ ليس فيه ما يدلّ على أنّ الله أنزل عليهم رزقًا من السماء مباشرةً، بل قد يكون أن رجلاً من أهل الخير مرَّ فتصدّق عليهم، أو وُجِد سبب آخر جعله الله تعالى سببًا للرزق.
فالحديث في حقيقته شاهدٌ على كرم الله تعالى وقدرته على تيسير الأمور لعباده المؤمنين، مع ما فيه من الإشارة إلى أثر الدعاء في تفريج الكربات وقضاء الحاجات.
وأمّا قول النبي ﷺ: "لو تركتها لدارت إلى يوم القيامة" ففيه إشارةٌ إلى دوام بركة الله لو شاء سبحانه، غير أنّ الزوج كنس ما حول الرحى فزال السبب الذي جرى به الرزق