المقدمة:

يُعَدُّ علم الحديث الشريف من أعظم العلوم التي حفظت للأمة عقيدتها وشريعتها، إذ لم يكتفِ العلماء بمجرد النقل، بل دقَّقوا في السند والمتن، ومارسوا النقد العلمي الدقيق الذي أرسى قواعد علم مصطلح الحديث. ومن الأحاديث التي كثر تداولها حديث «وسع كرسيه السماوات والأرض وإنه ليقعد عليه عز وجل»، وهو حديث تطرق إليه كثير من المحدثين بالنقد سنداً ومتناً، لما فيه من مسائل عقدية دقيقة تتعلق بصفات الله عز وجل، وما قد يرد عليه من إشكالات تتصل بالتصور العقدي الصحيح.

نص الحديث:

روى العباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ابن خليفة، قال: جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت: ادعُ الله أن يدخلني الجنة، قال: فعظم الرب عز وجل وقال: ﴿وسع كرسيه السموات والأرض﴾، إنه ليقعد عليه جل وعز، فما يفضل منه إلا قيد أربع أصابع، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل إذا ركب».

من مقالات السقيفة:

دراسة الإسناد والمتن:

  • حكم المحققون على الحديث بالضعف، إذ قالوا: «إسناده ضعيف وفي متنه نكارة».
  • حكم عليه الشيخ الألباني بالضعف، وذلك لضعف ابن خليفة الراوي في الإسناد.
  • ذكر ابن كثير في تفسيره عند الحديث عن سماع ابن خليفة من عمر رضي الله عنه قوله: «فيه نظر» (تفسير ابن كثير 1/311) 
  • أخرجه ابن أحمد في كتاب السنة (1/305)، كما ورد في السلسلة الضعيفة برقم (866).

الخلاصة:

يتضح من خلال دراسة هذا الحديث أن العلماء لم يُسلموا بقبول كل ما يُروى دون نقد وتمحيص، بل تعاملوا مع النصوص بعلمية ودقة، فلم يثبت الحديث لضعف سنده ونكارة متنه، وإن كان متنه قد وردت فيه بعض الألفاظ المشابهة في أحاديث أخرى صحيحة تثبت عظمة الكرسي وسعة ملكوت الله تعالى، دون الخوض في تفاصيل لم يثبت بها الدليل الصحيح.