حديث: "صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن"
تُعتبر الأحاديث المتعلقة بخلق آدم وصورته من أكثر المسائل التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة والجماعة وبين المخالفين من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وذلك لورود نصوص ظاهرها يوهم التشبيه إن لم تُفهم على الوجه الصحيح. ومن أبرز هذه النصوص حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي جاء فيه: "من قاتل فليجتنب الوجه، فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن".
وقد أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وصرّح الحافظ ابن حجر العسقلاني بأن رجاله ثقات سوى ابن لهيعة، الذي ضعّفه المحدثون لسوء حفظه. ورغم ذلك فقد ذهب بعض الأئمة – كإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل – إلى تصحيح هذا الحديث واعتباره حجة، وأثبتوا أن خلق آدم كان على صورة الرحمن سبحانه، على ما يليق بجلاله. بينما أنكر آخرون هذه الزيادة، وحاولوا تأويلها إما بردّ الضمير إلى آدم نفسه، أو حملها على معنى الصفات المعنوية كالعلم والقدرة.
هذا المقال يتناول دراسة هذا الحديث سندًا ومتنًا، مع بيان موقف أهل السنة والجماعة، والرد على اعتراضات المؤولة، وبيان القاعدة الذهبية: إثبات الصفات كما وردت في النصوص، بلا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف.
صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن:
«ثنا عمر بن الخطاب ثنا ابن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من قاتل فليجتنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن».
أخرجها ابن أبي عاصم في (السنة 1/230) وحكم الألباني بضعفها وأن رجالها ثقات غير أن ابن لهيعة سيئ الحفظ. وإنما يصح الحديث بلفظ «على صورته». مع أن الحافظ وثق رجال رواية (على صورة الرحمن).
قال الحافظ: «وقد أنكر المازري ومن تبعه صحة هذه الزيادة ثم قال: وعلى تقدير صحتها فيحمل على ما يليق بالباري سبحانه وتعالى.
قلت: الزيادة أخرجها ابن أبي عاصم في السنة والطبراني من حديث ابن عمر بإسناد رجاله ثقات».
من مقالات السقيفة:
أضاف:
«وأخرجها ابن أبي عاصم أيضاً من طريق أبي يونس عن أبي هريرة بلفظ يرد التأويل الأول قال: «من قاتل فليجتنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن» فتعين إجراء ما في ذلك على ما تقرر بين أهل السنة من إمراره كما جاء من غير اعتقاد تشبيه، أو من تأويله على ما يليق بالرحمن جل جلاله.
وسيأتي في أول كتاب الاستئذان من طريق همام عن أبي هريرة رفعه: «خلق الله آدم على صورته» الحديث.
وزعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم أي على صفته أي خلقه موصوفاً بالعلم الذي فضل به الحيوان وهذا محتمل.
وقد قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره وقال: صورة لا كالصور انتهى. وقال حرب الكرماني في (كتاب السنة): سمعت إسحاق بن راهويه يقول: صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكوسج: سمعت أحمد يقول هو حديث صحيح. وقال الطبراني في كتاب السنة: «حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلاً قال خلق الله آدم على صورته - أي صورة الرجل - فقال: كذب هو قول الجهمية» انتهى.
اخترنا لكم:
هذا المقال يعرض الأحاديث الواردة في هذه المسألة كما جاءت في كتاب "السنة" لعبد الله بن الإمام أحمد، مع بيان أقوال العلماء في فهمها وتفسيرها، وردّ الشبهات التي أثارها المخالفون، وبيان موقف أهل السنة الذي يثبت لله ما أثبته لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف. كما يعرض المقال الروايات المقابلة عند الرافضة التي استندوا إليها في تفسير قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ [سبأ: 23]، ومقارنتها بما ورد في النصوص الصحيحة.
534 - وَقَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ: «حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ " قَالَ أَبِي: وَهَذَا الْجَهْمِيَّةُ تُنْكِرُهُ وَقَالَ أَبِي: هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ كَافِرٌ، أَلَا إِنَّا نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ.
537 - حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، نا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، نا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْوَحْي سَمِعَ أَهْلَ السَّمَاءِ لَهُ صَلْصَلَةٌ كَصَلْصَلَةِ الْحَدِيدِ عَلَى الصَّفَا» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ قُرَّانِ بْنِ تَمَّامٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو مُعَاوِيَةَ بِبَغْدَادَ فَرَفَعَهُ مَرَّةً. السنة لعبدالله بن الامام احمد بن حنبل