قضية لقاء إبراهيم عليه السلام بملك الموت، ورفضه في البداية مفارقة الحياة، من القضايا التي تداولتها كتب الروايات عند الشيعة الإمامية. وقد أوردت المصادر الشيعية – كـ موسوعة أحاديث أهل البيت لهادي النجفي، وكتاب معاني الأخبار للصدوق – أخبارًا مطولة تشرح الكيفية التي قُبض فيها خليل الرحمن عليه السلام، وما دار بينه وبين ملك الموت من حوار. هذه النصوص تعكس تصورًا شيعيًا لمفهوم الموت، ولمكانة إبراهيم عليه السلام في طاعة الله وعبادته، كما تكشف عن فلسفة خاصة في تفسير محبة الإنسان للحياة وكراهيته للموت، وعلاقة ذلك بمعرفته بحقيقة الآخرة. في هذا المقال نستعرض أبرز ما ورد في هذه الروايات، مع ضبطها لغويًا وإملائيًا، لنقف على مضامينها وما تحمله من دلالات
مقالات السقيفة ذات صلة |
رواية "وإنه لذكر لك ولقومك" بين القبول والرد لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف ولا تقرئوهنّ إياها شبهات حديث: "صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن" |
قال هادي النجفي في موسوعة أهل البيت:
-17 [13461]" الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) أو أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إنَّ إبراهيم (عليه السلام) لما قضى مناسكه رجع إلى الشام فهلك، وكان سبب هلاكه أن ملك الموت أتاه ليقبضه، فكره إبراهيم الموت، فرجع ملك الموت إلى ربه عز وجل فقال: إن إبراهيم كره الموت، فقال: دع إبراهيم فإنه يحب أن يعبدني. قال: حتى رأى إبراهيم شيخًا كبيرًا يأكل ويخرج منه ما يأكله، فكره الحياة وأحب الموت. فبلغنا إن إبراهيم أتى داره فإذا فيها أحسن صورة ما رآها قط. قال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: سبحان الله، من الذي يكره قربك وزيارتك وأنت بهذه الصورة؟ فقال: يا خليل الرحمن، إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرًا بعثني إليه في هذه الصورة، وإذا أراد بعبد شرًا بعثني إليه في غير هذه الصورة، فقبض (عليه السلام) بالشام، وتوفي بعده إسماعيل وهو ابن ثلاثين ومائة سنة، فدفن في الحجر مع أمه الرواية صحيحة الإسناد " اهـ.
موسوعة أحاديث أهل البيت – هادي النجفي – ج 11 ص 39
وقال الصدوق:
6- حدثنا محمد بن القاسم المفسر، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه عليهم السلام قال:
8- وبهذا الإسناد، عن علي بن محمد عليهما السلام، قال: قيل لمحمد بن علي بن موسى صلوات الله عليهم: ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال: لأنهم جهلوه فكرهوه، ولو عرفوه وكانوا من أولياء الله عز وجل لأحبوه، ولعلموا أن الآخرة خير لهم من الدنيا. ثم قال عليه السلام: يا أبا عبد الله، ما بال الصبي والمجنون يمتنع من الدواء المنقي لبدنه والنافي للألم عنه؟ قال: لجهلهم بنفع الدواء. قال: والذي بعث محمداً بالحق نبيًا، إن من استعد للموت حق الاستعداد فهو أنفع له من هذا الدواء لهذا المتعالج. أما إنهم لو عرفوا ما يؤدي إليه الموت من النعيم لاستدعوه وأحبوه أشد ما يستدعي العاقل الحازم الدواء لدفع الآفات واجتلاب السلامات".
معاني الأخبار – الصدوق – ص 289 – 290