من أكثر القضايا التي يثيرها الشيعة الإمامية لإثبات عقيدتهم في الإمام المهدي المنتظر، هي استشهادهم بأقوال علماء منسوبين لأهل السنة والجماعة عبر مختلف العصور. فيوردون أسماء مثل الخصيبي، البيهقي، الخوارزمي، ياقوت الحموي، ابن الأثير، ابن عربي، الكنجي الشافعي، سبط ابن الجوزي، وغيرهم، ليجعلوا من أقوالهم أدلة على ولادة المهدي وغيبته. غير أن التمحيص في كتب هؤلاء الأعلام، وأقوال أئمة النقد والتاريخ، يكشف حقيقة مختلفة تمامًا، حيث يظهر أن كثيرًا من هؤلاء إما لم يثبت عنهم ذلك، أو كانوا متهمين بالرفض والتشيع، أو أن النصوص المنقولة ليست سوى حكايات مكررة من كتب الشيعة أنفسهم. هذه المقالة تستعرض أبرز هذه الأسماء، وترد على الشبهات المثارة حولها بالأدلة التاريخية والنقدية، مع بيان حقيقة موقف أهل السنة من قضية المهدي.

(12) كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي

22- كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي (ت/ 652 هـ) في: مطالب السؤول، قال: ((أبو القاسم محمد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن القانع بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الزكي بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب.

المهدي، الحجة، الخلف الصالح، المنتظر، عليهم السلام ورحمة الله وبركاته)).

ثم أنشد أبياتًا، أولها:

فهذا الخلف الحجة قد أيّده الله ... هذا منهج الحق وآتاه سجاياه (1130).

قالوا فيه: قال الشيخ شمس الدين في ترجمته: «وسمع بنيسابور من المؤيد الطوسي..

ودخل في شيء من الهذيان والضلال، وعمل دائرة للحروف، وادّعى أنه استخرج علم الغيب وعلم الساعة.

توفي بحلب سنة اثنتين وخمسين وست مائة، وقد جاوز السبعين» (الوافي بالوفيات 3/146).

فهل من يدّعي علم الغيب يُستشهد به يا من يدافع عن الكافي...؟

(13) محمد بن يوسف أبو عبد الله الكنجي الشافعي

23- محمد بن يوسف أبو عبد الله الكنجي الشافعي (المقتول سنة 658 هـ) في كتابه كفاية الطالب، قال عن الإمام الحسن العسكري (ع) في آخر صحيفة من كفاية الطالب:
((مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر، من سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين، وله يومئذ ثمان وعشرون سنة، ودُفن في داره بسرّ من رأى، في البيت الذي دُفن فيه أبوه.

مقالات السقيفة ذات صلة

الروايات الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة عن المهدي مع نزول عيسى

أحاديث نزول عيسى وصلاته وخروج المهدي

شبهة حديث: المهدي خير من ابي بكر وعمر

إمامة المهدي وصلاته بعيسى عليه السلام والرد عليها

شبهة رواية: «لا مهدي إلا عيسى بن مريم» 

 وخلف ابنه وهو: الإمام المنتظر صلوات الله عليه.  ونختم الكتاب ونذكره مفردًا)).

ثم خصّص ولله درّه لذكر المهدي كتابًا أطلق عليه اسم: البيان في أخبار صاحب الزمان، وهو مطبوع بنهاية كفاية الطالب.

تناول فيه أمورًا كثيرة كان آخرها إثبات كون المهدي (ع) حيًّا باقيًا منذ غيبته إلى أن يملأ الدنيا قسطًا وعدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا (1132).

رحم الله تعالى الكنجي الشافعي الذي لم يمت ميتة جاهلية.

فلنبدأ بما ختم به الكاتب كلامه، وهي عبارة: "رحم الله تعالى الكنجي الشافعي الذي لم يمت ميتة جاهلية".

وبذكر هذه العبارة نذهب لكتب الشيعة الإمامية، ونأتي بالحديث المروي عندنا في مسلم وباقي مصادر السنة، فأوّلوه حسبما يريدون:

وجاء في الحديث من طريق العامة، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «من مات وليس في عنقه بيعة لإمام، أو ليس في عنقه عهد الإمام، مات ميتة جاهلية».

وروى كثير منهم أنه عليه السلام قال: «من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» (بحار الأنوار، جزء 23، صفحة 94).

ثم دعونا نعدّ لنعرف ماذا قال علماء السنة في الكنجي:

قال الدمشقية في كتابه أحاديث يحتج بها الشيعة: ويظهر أنه رافضي أو مترفض، بدليل اعتراف الرافضي محمد بن أحمد القمي بأنه وجد مقتولًا مبقور البطن بسبب ميله إلى مذهب التشيع (مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين، ص 8).

قلت: بل لأنه أخذ خصلة الخيانة من الرافضة، فقد حكى أهل العلم عنه أنه كان عميلًا للتتار مقتديًا في ذلك بسلفه نصير الدين الطوسي.

قال ابن كثير من جملة قصص الحروب مع التتار:

«وقتلت العامة وسط الجامع شيخًا رافضيًا كان مصانعًا للتتار على أموال الناس، يقال له الفخر محمد بن يوسف بن محمد الكنجي، كان خبيث الطوية مشرقيا ممالئًا لهم على أموال المسلمين، قبحه الله، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين» (البداية والنهاية 13/221).

انتهى.

ثم وجدت في كتاب اليقين لابن طاووس (ص115) ما يؤكد ترفضه وأكاذيبه، حيث نقل لنا بعضًا من تبويبات كتابه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب، مثل: أن النبي سماه سيد المسلمين ووصي رسول رب العالمين، وأن جبريل سماه أمير المؤمنين.

ونقل ابن طاووس عنه أنه كان يعتقد بأن محمد بن الحسن العسكري هو الإمام المهدي المنتظر.

(الصراط المستقيم لابن طاووس 2/219).

وجدت الشيعة يعترفون بأن له كتابًا اسمه البيان في أخبار صاحب الزمان، يعني بذلك المهدي (الغيبة لمحمد بن إبراهيم النعماني، ص10).

مما يدل على تشيعه وترفضه. فلا نعرف شافعيًا يؤمن بصاحب السرداب.

لكن الرافضة يستغلون لفظ "الشافعي" تلبيسًا وخداعًا لأبناء السنة.

مختارات من السقيفة

الشيعة الإمامية تخرج النبي صلى الله عليه واله وسلم من الائمة

قراءة القرآن في الحمام بين الجواز والضوابط

الصلاة الوسطى بين الروايات والنسخ

سؤال: هل الخضر حي حتى الأن؟

إذن، هذا قول ابن كثير فيمن زعموا أنه شافعي، والشافعي بريء من الرافضة الخونة.
فانظر كيف وصفه ابن كثير بأنه: «كان خبيث الطوية مشرقيا ممالئًا لهم على أموال المسلمين، قبحه الله، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين» (البداية والنهاية 13/221).

انتهى كلام الشيخ الدمشقية.

قال صاحب كتاب "سبيل المستبصرين إلى الصراط المستقيم" (صفحة 315):

 بعد أن أورد كلام ابن كثير الذي ذكره الشيخ الدمشقية حفظه الله: «ومن المعلوم أن الكنجي من أكابر علماء أهل السنة، ولكنه ألف كتابًا سماه "كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه"، قتله أهل السنة بسبب هذا الكتاب سنة 658 هجرية».

وقوله قول باطل وفيه كذب واضح، فلو كان أهل السنة يفعلون ذلك لمجرد تأليفه كتابًا في سيدنا علي، لقتلوا النسائي الذي ألف قبله بقرون كثيرة كتاب "خصائص علي".

وذكر بعض علماء السنة أن النسائي والحاكم كانا من الشيعة، ولكن لم يطعن فيهما أحد، ولم يتهمهما أحد بالرفضية السبئية المجوسية.

والنسائي حسب معرفتي قتله الشيعة العلويون، بعدما ألف كتابًا أسماه "خصائص معاوية"، فطلبوا منه التراجع عن ذلك فرفض فقتلوه.

ولو لم يكن شيعيًا لما قتلوه، لأنهم بذلك كانوا سيقتلون كثيرًا من علماء السنة الذين ألفوا في الصحابة كثيرًا من الكتب عبر مر العصور.

وما وجدته أنا أنه نقل المجلسي كثيرًا من الأحاديث المروية في كتابه المذكور، وليس غريبًا ذلك الأمر، وقبل سرد الحديث يقول المجلسي: "ورد من طريق العامة"، ويعني من طريق أهل السنة والجماعة، وأهل السنة والجماعة برآء مما نسب إليهم، وهذا الكتاب يطبع في إيران بطهران.

(14) سبط ابن الجوزي

الادعاء:

23- العلامة سبط ابن الجوزي الحنبلي (ت/ 654 هـ)، في تذكرة الخواص:

 قال: ((هو محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)،

وكنيته: أبو عبد الله، وأبو القاسم، وهو الخلف الحجة، صاحب الزمان، القائم، والمنتظر، والتالي. وهو آخر الأئمة)).

الرد:

أما سبط ابن الجوزي فإنه اتُّهم بأنه ترفّض، وانتقل من التسنن إلى الترفّض.

قال عنه الذهبي: «يأتي بمناكير الحكايات ولا أظنه ثقة، ثم إنه ترفّض...

قال الشيخ محيي الدين السوسي لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال: لا رحمه الله، كان رافضيًا».

(ميزان الاعتدال 7/304، سير أعلام النبلاء 23/297).

وهذا الكتاب الذي استشهد به السيد صاحب كتاب "رد على الكافي" طُبع في لبنان تحت إشراف مؤسسة أهل البيت - بيروت - ط. 1401 هـ - 1981م.

وقال في كتابه المستشهَد به:

 «وذكر جدي في كتاب (المنتظم) أن عليًا بعثها (يعني أم كلثوم) إلى عمر لينظرها، وأن عمر كشف ساقها ولمسها بيده».

قلت: (ويعلق هنا على ما نسبه لسيدنا عمر) وهذا قبيح والله! لو كانت أَمَتَهُ لما فعل بها هذا.

ثم بإجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية، فكيف يُنسب عمر إلى هذا؟ والذي روى لنا أن عليًا لما قال لعمر إنها صغيرة، قال: "ابعث بها إليّ"، فبعثها وبعث معها بثوب وقال لها: "قولي له: أبي يقول لك: أيصلح لك هذا الثوب؟".

فلما جاءت إلى عمر صوب النظر إليها وقال: "قولي: نعم".

فلما عادت إلى علي قالت له: "لقد أرسلتني إلى شيخ سوء! لقد صوب النظر فيّ حتى كدت أضرب بالثوب أنفه".

(تذكرة الخواص، صفحة 322، ذكر أولادها عليها السلام، ط. مكتبة نينوى، طهران).

أظن أن آخر من يمكن أن يتحدث عن شيخ سني بهذه الطريقة هو عمر، ولا يمكن أن يتحدث عن عمر ابن الخطاب بهذه الطريقة إلا الرافضة، وأكيد أنه منهم.

من بين ما استشهد به الكاتب أيضًا رأي الشعراء، ولا أعرف مسألة عقائدية عندهم تمثل أصلًا من أصول الدين، يحاولون إثباتها من أقوال الشعراء، وضمهم إلى أقوال العلماء.

ولم أرَ أو أسمع يومًا أن عالمًا استشهد في مسألة دينية فرعية بقول شاعر، فما بالك إذا كانت هذه المسألة من أصول الدين؟

(15) جلال الدين البلخي الرومي

الادعاء:

25- جلال الدين البلخي الرومي (ت/ 672هـ) في شعره (مثنوي)، ضمن قصيدته: ((اي سرور مردان علي! مستان سلامت مي كنند)).

وترجمتها: يا سيد الأبطال يا علي! إن جماعة المخمورين يسلمون عليك.

(16) صدر الدين القونوي

الادعاء:

26-  صدر الدين القونوي (ت/ 673 هـ)، في قصيدته الرائية، وهو من كبار العرفاء والفلاسفة عند أهل السنة، ذكر الإمام محمد بن الحسن المهدي (ع) في قصيدته الرائية، كما في كشف الأستار للمحدث النوري، تحت رقم / 31.

الرد:

وأظن أن الكاتب تناسى قوله تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ]الشعراء: 224].

(17) ابن خلكان

الادعاء:

27- ابن خلكان (ت/ 681 هـ) في: وفيات الأعيان:

 قال: ((أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد، المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة...

كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين...

وذكر ابن الأزرَق في (تاريخ ميافارقين) أن الحجة المذكور وُلد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين، وهو الأصح...)).

الرد:

وهذا النص كامل كما أورده ابن خلكان، وابن خلكان لم يقل إنه يعترف بولادته، ولكن نقل أقوال الشيعة كما ذكروها في ترجمة الإمام الحسن العسكري رضي الله عنه.

176- 562: أبو القاسم المنتظر:

أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية.

(قال على اعتقاد الإمامية، وهو نفى عنه الإيمان بولادته، ولو كان مؤمناً بولادته لما قال على اعتقاد الإمامية).

المعروف بالحجة، وهو الذي تزعم الشيعة أنه المنتظر والقائم والمهدي، وهو صاحب السرداب عندهم، وأقاويلهم فيه كثيرة، وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسرّ من رأى.

كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ولما توفي أبوه - وقد سبق ذكره - كان عمره خمس سنين، واسم أمه خمط وقيل نرجس.

والشيعة يقولون: إنه دخل السرداب في دار أبيه وأمه تنظر إليه فلم يعد يخرج إليها، وذلك في سنة خمس وستين ومائتين، وعمره يومئذ تسع سنين.

وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أن الحجة المذكور وُلد تاسع شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل في ثامن شعبان سنة ست وخمسين وهو الأصح، وأنه لما دخل السرداب كان عمره أربع سنين، وقيل خمس سنين، وقيل إنه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومائتين وعمره سبع عشرة سنة.

والله أعلم أي ذلك كان، رحمه الله تعالى.