يُعتبر موضوع قراءة سورة يس على الموتى من المسائل المنتشرة بين المسلمين، حيث اعتاد كثير من الناس تلاوتها عند حضور الوفاة أو بعد الدفن. غير أن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه: ما مدى صحة حديث "اقرؤوا يس على موتاكم"؟ وهل هو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ هذا المقال يتناول دراسة سند الحديث كما ناقشها العلماء، ويعرض أقوال المحدثين في بيان علله وضعفه، مع توضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة بما يتوافق مع قواعد التحقيق العلمي.

نص الحديث ومناقشته:

ورد الحديث بلفظ:

«اقرؤوا يس على موتاكم» أو «اقرؤوا على موتاكم يس».

وقد اجتمعت في هذا الحديث علل عديدة كما بيّن الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، ومنها:

1)  جهالة أبي عثمان.

2)  جهالة أبيه.

3)  الاضطراب في السند: فقد أعله ابن القطان بذلك.

وقال الدارقطني: "هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن، ولا يصح حديث في الباب."
انظر: التلخيص الحبير (2/104)، إرواء الغليل للألباني (688).

الآيات القرآنية:

من الآيات التي يستدل بها البعض في هذا الباب، وإن لم ترد في نص الحديث مباشرة، قول الله تعالى:

﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ﴾ [يس: 12].

لكن الاستدلال بالآية لا يثبت صحة الحديث، وإنما يبيّن فضل السورة ومقاصدها.

الخلاصة:

يتبيّن من خلال كلام المحدثين أن حديث "اقرؤوا يس على موتاكم" حديث ضعيف، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعليه، فليس في الباب حديث صحيح يُشرّع قراءة سورة يس عند المحتضر أو بعد الوفاة. وإنما المشروع هو ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلقين المحتضر كلمة التوحيد:
«لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» (رواه مسلم 916).