من أخطر ما واجه الإسلام من انحرافات فكرية، تلك التي نشأت في بيئة الشيعة الذين وضعوا أحاديث باطلة وزوروا روايات غير حقيقية لأغراض خفية تخدم معتقداتهم السياسية والعقائدية المنحرفة. وهذه الفرق الشيعية ليست من الإسلام في شيء، بل هي فرق ضالّة خرجت عن جماعة المسلمين، ومن بين تلك الفرق فرقة الناووسية التي نسبت نفسها إلى رجل يدعى “ناووس”، وادّعت أن الإمام جعفر الصادق لم يمت، بل هو المهدي المنتظر الذي سيخرج في آخر الزمان.
هذا المقال يكشف حقيقة هذه الفرقة من مصادر الشيعة أنفسهم، ويعرض أقوال كبار علمائهم في بحار الأنوار ورجال الكشي، ليتضح للقارئ كيف تفرّقت الشيعة وتناقضت في عقيدتها حول الإمامة، التي جعلوها أصل دينهم دون نص من الله ولا من رسوله ﷺ.
أصل تسمية الناووسية
فرقة شيعية ساقت الإمامة إلى جعفر الصادق وزعمت أنه حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر ويلي أمور الناس، وأنه هو المهدي. وسُميت الناووسية نسبة إلى عجلان بن ناووس، وهو من أهل البصرة. وقيل نسبوا إلى قرية نوسا.
وقال الشهرستاني إضافة لما مر ما حكاه عن أبي حامد الزوزني أن الناووسية زعمت أن عليا باق وستنشق الأرض عنه يوم القيامة فيملئ الأرض عدلا[1].
قال علماء الشيعة إن الناووسية نُسبوا إلى رجل يُقال له ناووس البصري، وهو أول من أعلن أن جعفر الصادق لم يمت، بل هو حيٌّ يُرزق في مكانٍ ما، وسيظهر آخر الزمان.
ففي كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي (ج51، ص210) جاء ما نصه:
«وأما الناووسية الذين وقفوا على جعفر بن محمد عليه السلام فقد بيّنا أيضًا فساد قولهم بما علمناه من موته، واشتهار الأمر فيه، وبصحة إمامة ابنه موسى بن جعفر عليهما السلام، وبما ثبت من إمامة الاثني عشر عليهم السلام، ويؤكد ذلك ما ثبت من صحة وصيته إلى من أوصى إليه، وظهور الحال في ذلك.»
https://lib.eshia.ir/11008/51/210
وهذا النصّ من بحار الأنوار يُظهر بوضوح كيف يحاول علماء الشيعة المتأخرون نفي هذه الفرقة مع الاعتراف بوجودها وانتشارها بين طوائف الشيعة في زمانهم.
عقيدة الناووسية في جعفر الصادق
اعتقدت الناووسية أن جعفر بن محمد الصادق هو الإمام الأخير، وأنه المهدي المنتظر الذي لم يمت، بل غاب عن الناس وسيظهر في المستقبل ليقيم العدل.
وهذه العقيدة تُشابه كثيرًا فكرة الغيبة التي تبنّاها الإمامية الاثنا عشرية لاحقًا في حقّ محمد بن الحسن العسكري.
ويُلاحظ أن فكرة الغيبة نفسها نشأت وتكررت في عدة مراحل داخل المذهب الشيعي مع كل وفاة لإمام، ما يدلّ على اضطراب الأساس الفكري للعقيدة الإمامية.
الرد على الناووسية من كتب الشيعة
يردّ المجلسي في "بحار الأنوار" على هذه الفرقة بقوله إن وفاة جعفر الصادق كانت مشتهرة بين الناس، وأن إمامته انتقلت إلى ابنه موسى الكاظم.
لكن هذا الردّ لا يُخفي حقيقة الانقسام الحاد بين الشيعة بعد كل إمام، إذ انقسموا إلى عشرات الفرق، منها:
◘ الفطحية الذين قالوا بإمامة عبد الله الأفطح.
◘ الإسماعيلية الذين قالوا بإمامة إسماعيل بن جعفر.
◘ الناووسية الذين قالوا إن جعفر لم يمت.
◘ الواقفية الذين وقفوا على موسى الكاظم.
وهذا يُظهر بجلاء أن دعوى العصمة والإمامة الإلهية لم تكن إلا خرافة بشرية متوارثة.
موقف أهل السنة والجماعة
يرى أهل السنة والجماعة أن جميع هذه الفرق بما فيها الناووسية، هي فرق باطلة خارجة عن الإسلام، لأنها خالفت أصول الدين، وادعت علم الغيب للأئمة، وجعلتهم شركاء لله في التشريع والهداية، وابتدعت في دين الله ما لم يأذن به.
قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ (الكهف: الآيتان 103-104).
[1] الملل والنحل، للشهرستاني، 1 /167