تعد قضية تحريف بعض الأحاديث من قبل الشيعة المعاصرين قضية شائعة تتناولها الفرق الضالة التي تسعى لتشويه مكانة الصحابة رضوان الله عليهم. من أبرز ما يثيره الرافضة هو تفسير بعض الأحاديث التي وردت عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بطريقة توحي بوجود بغض بين عائشة وعلي رضي الله عنه، وهذا ادعاء باطل. في هذا المقال سنعرض الأحاديث الصحيحة التي تثبت نزاهة أم المؤمنين رضي الله عنها وتزكي علي رضي الله عنه، وسنبين أن ما ورد في بعض الروايات عن شعور عائشة بأمر دنيوي تجاه علي ليس بغضاً لدينه أو لنسبه، بل مسألة طبيعية لا تؤثر على العقيدة. كما سنستعرض الأدلة من صحيح البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد، التي تثبت فضائل الصحابة كافة، ونبين كيف أن الروايات المحرفة لا تصمد أمام العقل والنقل الصحيح.

قال الإمام أحمد:

"25914 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: " " أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِهَا، فَأَذِنَّ لَهُ قَالَتْ: فَخَرَجَ، وَيَدٌ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَيَدٌ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ" "قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ هُوَ عَلِيٌّ وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهُ نَفْسًا[1]

يحتج الرافضة على اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم بهذا الأثر ويقولون ان فيه بغض عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنه.

هذا من كلام ابن عباس رضي الله عنه، فيحتمل أنها وجدت في قلبها شيء عليه في حادثة الافك لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك». فلربما وجدت في نفسها على علي كما وجدت فاطمة في نفسها على أبي بكر في شأن أرض فدك.

لكن ليس معنى هذا أنها تبغضه، بغض علي رضي الله عنه لدينه ها نفاق، لكن الامر الذي حصل امر دنيوي، ومما يثبت ان عائشة رضي الله عنها لا تبغض علي لدينه أنها روت كثير من فضائله مثل حديث الكساء، وعندما يأتيها احد يسأل ولا تعرف الجواب تقول له اسأل علياً فانه اعلم مني

فأقول: لقد ثبت عن حبر الامة ابن عباس رضي الله عنه تزكية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فلو كان مفهوم كلام ابن عباس رضي الله عنه الطعن بعائشة رضي الله عنها لما زكاها، ومدحها.

قال الإمام البخاري:

 "حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أم الْمُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى أَبِى بَكْرٍ"

صحيح البخاري – باب فضل عائشة – ج 5 ص 29

فهذا الأثر فيه تصريح من ابن عباس لام المؤمنين رضي الله عنهما بالبشارة بالجنة، والمآل الحسن.

 قال العلامة العيني:

 " 1773 - حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ حدَّثنا ابنُ عَوْنٍ عنِ الْقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ أنَّ عائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجاءَ ابنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ يَا أم الْمُؤْمِنِينَ تَقْدَمِينَ علَى فَرَطِ صِدْقٍ علَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعلَى أبِي بَكْرٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن ابْن عَبَّاس قطع لعَائِشَة بِدُخُول الْجنَّة، إِذْ لَا يُقَال ذَلِك إلاَّ بتوقيف، وَهَذِه فَضِيلَة عَظِيمَة. وَابْن عون، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو: عبد الله الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن ابْن الْمثنى نَحوه.

قَوْله: (اشتكت)، أَي: ضعفت. قَوْله: (تقدمين)، بِفَتْح الدَّال.

قَوْله: (على فرط)، بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء: وَهُوَ الْمُتَقَدّم من كل شَيْء.

وَيُقَال: الفرط الفارط أَي: السَّابِق إِلَى المَاء والمنزل. قَوْله: (صدق)، صفة فرط أَي: صَادِق، وَهُوَ عبارَة عَن الْحسن.

قَالَ تَعَالَى: ﴿فِي مقْعد صدق (الْقَمَر: 55).

قَوْله: (على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) بدل مِنْهُ بتكرير الْعَامِل. وَحَاصِل الْمَعْنى:

 أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر قد سبقاك وَأَنت تلحقينهما، وهما قد هيئا لَك الْمنزل فِي الْجنَّة فَلَا تحملي الْهم وافرحي بذلك"

عمدة القاري شرح صحيح البخاري – بدر الدين محمود بن أحمد العيني - ج 16 ص 251

وقال الإمام أحمد:

" 2496 - حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خُثَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ ذَكْوَانُ، حَاجِبُ عَائِشَةَ، أَنَّهُ جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ، فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، فَأَكَبَّ عَلَيْهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، وَهِيَ تَمُوتُ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ، لِيُسَلِّمْ عَلَيْكِ، وَيُوَدِّعْكِ، فَقَالَتْ: ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَأَدْخَلْتُهُ، فَلَمَّا جَلَسَ، قَالَ: أَبْشِرِي، فَقَالَتْ: أَيْضًا فَقَالَ: " مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَحِبَّةَ، إِلا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا "، وَسَقَطَتْ قِلادَتُكِ لَيْلَةَ الْأَبْوَاءِ، " فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُصْبِحَ فِي الْمَنْزِلِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ " فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء: 43]، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِكِ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللهُ، إِلا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا[2].

فهذا الأثر فيه تزكية ابن عباس لام المؤمنين رضي الله عنهما بحيث انه جعل لقائها برسول الله صلى الله عليه واله وسلم والأحبة خروج النفس، وفي هذا بشرة بالسرور بلقائهم، وكذلك شهد لها بأنها طيبة وهذا مصداق لقوله تعالى: ﴿وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [(26): النور] فالطيبة للطيب في الدنيا والاخرة.

فهذا كلام حبر الامة ابن عباس رضي الله عنه في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فلو كان هناك اي ذم لها، او قدح لما زكاها كل هذه التزكية، علما انه ابن عم علي رضي الله عنه وقد شاركه في حروبه وكان من انصاره، فلا يمكن ان يكون الرافضي احرص، او افهم من ابن عباس رضي الله عنه لكلامه وما يترتب عليه.

ولو كانت أم المؤمنين رضي الله عنه تظلم عليا رضي الله عنه لما نقلت فضائله، وشهدت له بالعلم، والصدق.

قال الإمام مسلم:

" حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33]"

صحيح مسلم - بَابُ فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ج 4 ص 1883

فحديث الكساء مروي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأصح اسناد، وفيه فضيلة عظيمة لعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا.

وقال الإمام مسلم:

" وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ سَأَلْتُ عائشةَ، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.

صحيح مسلم - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ – ج 1 ص 232

ففي هذا الأثر شهادتها رضي الله عنها بعلم علي رضي الله عنه.

وفي مسند الإمام أحمد وغيره:

" 656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ،............

فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ شَدَّادٍ، فَقَدْ قَتَلَهُمْ فَقَالَ: وَاللهِ مَا بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَتَّى قَطَعُوا السَّبِيلَ، وَسَفَكُوا الدَّمَ، وَاسْتَحَلُّوا أَهْلَ الذِّمَّةِ. فَقَالَتْ: آَللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ كَانَ. قَالَتْ: فَمَا شَيْءٌ بَلَغَنِي عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ؟ يَقُولُونَ: ذُو الثُّدَيِّ، وَذُو الثُّدَيِّ. قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ، وَقُمْتُ مَعَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ فِي الْقَتْلَى، فَدَعَا النَّاسَ فَقَالَ: أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يَقُولُ: قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي، وَرَأَيْتُهُ فِي مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبَتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَلِكَ. قَالَتْ: فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عَلَيْهِ كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ الْعِرَاقِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ قَالَتْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قَالَ: اللهُمَّ لَا.

قَالَتْ: أَجَلْ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا إِنَّهُ كَانَ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قَالَ: صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، فَيَذْهَبُ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَكْذِبُونَ عَلَيْهِ، وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ[3]

"مسند أحمد بن حنبل – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 2 ص 86، ومسند ابي يعلى الموصلي ج 1 ص 367 تحقيق حسين سليم اسد الذي قال عن الأثر – اسناده صحيح، وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ج 7 ص 280 - تفرد به أحمد وإسناده صحيح.

 الشبهة:

يدعي الرافضة أن الحديث الذي يذكر ابن عباس فيه أن علي كان الرجل الآخر الذي لم تسمه عائشة يشير إلى بغض عائشة لعلي رضي الله عنه.

الرد:

 هذا الادعاء خاطئ، فالحديث يشير إلى مسألة دنيوية محدودة مرتبطة بحدث معين لا تتعلق بالدين، وقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها لم تكره علياً لدينه. ابن عباس رضي الله عنه يزكي عائشة ويشهد لها بمكانة عظيمة في الجنة، كما أن عائشة رضي الله عنها نقلت فضائل علي رضي الله عنه وشهدت بعلمه وصدقه، ومن ذلك حديث الكساء وحديث المسح على الخفين، مما يثبت عدم وجود بغض ديني أو كراهية لفضائل علي رضي الله عنه.

 

[1] إسناده صحيح على شرط الشيخين " مسند الإمام أحمد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 43 ص 86 – 87

[2] إسناده قوي على شرط مسلم " مسند الإمام احممد – تحقيق شعيب الارناؤوط – ج 4 ص 297 – 298

[3] إسناده حسن، يحيى بن سُليم- وهو الطائفي- مختلف فيه يتقاصر عن رتبة= = الصحيح له في البخاري حديث واحد، واحتجّ به مسلم والباقون، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غيرَ عبيد الله بن عياض بن عمرو، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وهو ثقة، وقال ابنُ كثير في "تاريخه" 7/292 بعد أن ذكر من رواية أحمد: تَفَرد به أحمد وإسناده صحيح، واختاره الضياء (يعني في "المختارة").

وأخرجه أبو يعلى (474) عن إسحاق بنِ أبي إسرائيل، عن يحيى بنِ سُليم، بهذا الإسناد.

وأورده الهيثمي في "المجمع" 6/235-237 ونسبه إلى أبي يعلى، ولم ينسبه إلى أحمد مع أنَّه من شرطه! وقال: رجاله ثقات