حظيت شخصية عبد الله بن سبأ باهتمام كبير من قبل العلماء والمؤرخين المسلمين، الذين تناولوا سيرته وأفكاره بالتحليل والنقد. وقد أجمعت معظم هذه الأقوال على وصفه بالزندقة والغلو، ودوره في إثارة الفتن.
- أهم المقالات في موقع السقيفة:
شخصيةعبد الله بن سبأ: حقيقة مثبتة في كتب الشيعة وتناقضات من ينكرها
عبدالله بن سبأ: ونشاة فرق الغلاة والمتطرفين
دحض شبهة اعتراف علماء أهل السنة بولادة المهدي المنتظر (1)
قول الإمام الذهبي:
قال الإمام الذهبي في كتابه 'سير أعلام النبلاء' عن عبد الله بن سبأ: 'عبدُ اللَّهِ بنُ سَبَأٍ مِن غُلاةِ الزَّنادِقةِ. ضالٌّ مُضِلٌّ. أحسَبُ أنَّ عَليًّا حَرَقه بالنَّارِ.
وقد قال الجُوزَجانيُّ: زَعَم أنَّ القُرآنَ جُزءٌ من تسعةِ أجزاءٍ وعِلمُه عِندَ عليٍّ، فنهاه عَليٌّ بَعدَ ما هَمَّ بهـ' [1]. هذا القول يؤكد على ضلاله وغلوه، وادعاءاته الباطلة حول القرآن وعلم علي رضي الله عنه.
قول ابن حجر العسقلاني:
ذكر ابن حجر العسقلاني في 'الإصابة في تمييز الصحابة' ما نقله ابن عساكر في تاريخه، حيث قال: 'كان أصلُه من اليَمَنِ، وكان يهوديًّا فأظهر الإسلامَ وطاف بلادَ المُسلِمين ليَلفِتَهم عن طاعةِ الأئمَّةِ ويُدخِلَ بَيْنَهم الشَّرَّ، ودخَل دِمَشقَ لذلك في زمَنِ عُثمانَ' [2]. ويضيف ابن حجر نقلاً عن مصادر أخرى أقوالًا تؤكد على كذبه وافتراءاته على الله ورسوله، وطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ومن ذلك ما رواه عن أبي الطفيل قوله: 'رأيتُ المُسَيَّبَ بنَ نَجَبةَ أتى به مُلَبِّبَه، وعليٌّ على المِنبَرِ، فقال: ما شأنُه؟ فقال: يَكذِبُ على اللَّهِ وعلى رَسولِه' [3].
كما روى ابن حجر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله: 'ما لي ولهذا الخبيثِ الأسوَدِ، يعني عبدَ اللَّهِ بنَ سَبَأٍ؟! كان يقَعُ في أبي بَكرٍ وعُمَرَ' [4]. وهذا يدل على استنكار علي رضي الله عنه لأفعال ابن سبأ وتبرؤه منه. وقد أكد الشعبي أن عبد الله بن سبأ هو أول من كذب في الإسلام [5].
موقف علي بن أبي طالب من عبد الله بن سبأ:
تعددت الروايات حول موقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه من عبد الله بن سبأ.
فمنها ما رواه أبو الجلاس عن علي رضي الله عنه قوله لعبد الله بن سبأ: 'واللَّهِ ما أفضى إليَّ بشيءٍ كتَمه أحدًا من النَّاسِ، ولقد سمِعْتُه يقولُ: إنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعةِ ثلاثينَ كَذَّابًا، وإنَّك لأحَدُهم!' [6]. وهذا تصريح واضح من علي رضي الله عنه بأن ابن سبأ من الكذابين.
وفي رواية أخرى، دخل سويد بن غفلة على علي في إمارته، وأخبره بوجود نفر يذكرون أبا بكر وعمر بسوء، منهم عبد الله بن سبأ. فغضب علي رضي الله عنه وقال: 'ما لي ولهذا الخبيثِ الأسوَدِ؟! ثُمَّ قال: معاذَ اللَّهِ أن أُضمِرَ لهما إلَّا الحَسَنَ الجَميلَ!' [7]. ثم قام علي رضي الله عنه بنفي عبد الله بن سبأ إلى المدائن، وقال: 'لا يُساكِنُني في بَلدةٍ أبدًا' [8]. وقد صعد علي رضي الله عنه المنبر وأثنى على أبي بكر وعمر، وتوعد من يفضله عليهما بالجلد [9].
نهاية عبد الله بن سبأ:
اختلف العلماء في نهاية عبد الله بن سبأ؛ فبعضهم ذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قتله في خلافته، وبعضهم ذكر أنه نفاه إلى المدائن [10]. إلا أن أخباره شهيرة في التواريخ، وليس له رواية صحيحة، وله أتباع يقال لهم السبئية، يعتقدون إلاهية علي بن أبي طالب، وقد أحرقهم علي بالنار في خلافته [11].
المصادر:
[1] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 189.
[2] ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 4، ص 106.
[3] ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 4، ص 106.
[4] ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 4، ص 106.
[5] ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 4، ص 106.
[6] أبو يعلى الموصلي، مسند أبي يعلى، ج 1، ص 123.
[7] أبو إسحاق الفزاري، السير، ص 256.
[8] أبو إسحاق الفزاري، السير، ص 256.
[9] أبو إسحاق الفزاري، السير، ص 256.
[10] لم يذكر المصدر الأصلي مرجعًا محددًا لهذه المعلومة، ولكنها متواترة في كتب التاريخ.
[16] الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 189.