من مظاهر الانحرافات العقدية التي تسربت إلى الفكر الصوفي، اعتقادهم الباطل في "الخضر عليه السلام"، وجعله كيانًا غيبيًا حاضرًا في كل عصر، يتلقى منه الأولياء العلم اللدني، ويستمدون منه الفيض الرباني. وقد اتخذت هذه العقيدة طابعًا باطنيًا غريبًا عن منهج أهل السنة والجماعة.
جديد مقالات الثقيفة:
الخضر عند الصوفية: غلوّ في الأولياء وعقائد باطنية منحرفة
كيف أصبحت الإثنا عشرية منبعاً لفرق الغلو والزندقة؟
قم.. المدينة المقدسة عند الشيعية الصفوية
تاريخ الفرق الإسلامية وغلاة الشيعة الإثنا عشرية
ففي كتهم نجد عبارات يندى لها الجبين، منها قولهم:
"الغوث ما بيغيث، والغوث ما بيعطي، والغوث ما بيرزق، والغوث ما بيقدر يعطيك، هذا كله بيد الله، وما الغوث إلا باب يُطرق."
وهذا من التلبيس، إذ يجعلون من "الغوث" الذي يقصدونه — وهو في زعمهم الخضر — وسيلة لاستجلاب النفع ودفع الضرّ، ثم يزعمون أن الله هو الذي يعطي، وكأنهم بهذا يرفعون الحرج عن الشرك بالدعاء والاستغاثة بغير الله. وهذا يتعارض مع عقيدة التوحيد التي لا تقبل صرف العبادة إلا لله وحده لا شريك له.
وقد وصل الأمر ببعضهم إلى القول:
"لا فرق بين الخضر والغوث... ولا تظن أن الخضر مات... الخضر هو عبد الله الحارث، وهو شيخ الطريقة الشاذلية، وهو الغوث الأعظم."
وهذه مزاعم لا سند لها من الوحي، بل تتعارض مع النصوص، وتُظهر مدى الانحراف العقدي الذي وصل إليه التصوف الباطني، حيث تم دمج الخضر بالأولياء، وجُعل رمزًا للبقاء والقدرة الخارقة، حتى قال بعضهم:
"لا تخف، الخضر معك، فلا يقع عليك ضرر."
شبهات الصوفية حول الخضر:
دعوى حياته الدائمة:
يقولون إن الخضر ما زال حيًا، ويظهر للأولياء، ويدلهم على أسرار الطريق، وهذا يخالف ظاهر القرآن والسنة، إذ لا دليل على بقائه حيًا، بل الأرجح أنه مات، كسائر البشر.
الاستغاثة به:
جعلوه "الغوث الأعظم"، وجعلوا له تصرفًا في الكون، وهذا من الشرك الأكبر، فإن الدعاء والاستغاثة لا تجوز إلا بالله.
تلقي العلم اللدني منه:
زعموا أن علومهم مأخوذة من الخضر مباشرة، بغير واسطة، وهذا ذريعة للطعن في نصوص الشريعة، وإقرار للبدع والضلالات باسم "الفيض" و"الذوق".
الرد على هذا الغلو:
أهل السنة والجماعة يعتقدون أن الخضر كان عبدًا صالحًا، آتاه الله علمًا خاصًا، وذكره الله في سورة الكهف. لكنه بشر، لا يعلم الغيب، ولا يُستغاث به، ولم تثبت حياته إلى اليوم.
وقد رد العلماء على دعوى حياته، وقالوا إن كل من كان في زمن النبي ﷺ ولم يأت إليه، فهو منقطع الصلة بالوحي. ولو كان الخضر حيًا، لوجب عليه اتباع النبي ﷺ ومبايعته.
وقد جاء في حديث النبي ﷺ:
(لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني) — فكيف يُقال إن الخضر بقي حيًا ولم يتبع النبي ﷺ؟!
خطر هذه العقيدة:
عقيدة الغوث والخضر كما يتصورها الصوفية تفتح باب الغلو في الأولياء، وتؤدي إلى الشرك الصريح، وتُضعف التوحيد، وتُدخل المسلمين في دائرة التأليه البشري من حيث لا يشعرون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
"كل من دعا ميتًا أو غائبًا من الأنبياء أو الصالحين، فقد أشرك شركًا أكبر يُخرجه من الإسلام، إذا قامت عليه الحجة."
الخاتمة:
إن عقيدة الخضر عند الصوفية الباطنية ليست سوى باب من أبواب الشرك والغلو، تستر خلف مصطلحات براقة مثل "الفيض"، و"الغوث"، و"الذوق"، لكنها في حقيقتها مخالفة صريحة لعقيدة الإسلام. ويجب على المسلم أن يعتصم بالكتاب والسنة، وألا يغتر بكثرة الدجاجلة الذين يزينون الشرك ويجعلونه طريقًا إلى القرب من الله.