مقدمة: التشيع الإثني عشري بوابة الغلو

تُعد فرقة الشيعة الإثني عشرية اليوم الوجه الأبرز والأكبر للتشيع في العالم، وإن لم تكن كذلك في كل العصور. لكن الأهم من حجمها هو الدور التاريخي الخطير الذي لعبته، حيث كانت بمثابة البوابة التي ولج منها غلاة الزنادقة إلى الإسلام تحت ستار التشيع الكاذب لآل البيت.

إن المبدأ الأساسي الذي قامت عليه فرق الباطنية والزندقة، كالإسماعيلية والنصيرية، هو تصديق الروايات والأكاذيب التي أسس لها الرافضة في تفسيرهم للقرآن والحديث. وكما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية، فإن "الرافضة هم الباب لهؤلاء الملحدين"، فمن خلال إظهار التشيع والرفض، يتم استدراج الأتباع خطوة بخطوة نحو الطعن في الصحابة، ثم في الأنبياء، وصولاً إلى الإلحاد الكامل.

جديد مقالات الثقيفة:

التقية عند الرافضة دين ومعتقد

الخضر عند الصوفية: غلوّ في الأولياء وعقائد باطنية منحرفة

مصادر الشيعة الإثني عشرية

كيف أصبحت الإثنا عشرية منبعاً لفرق الغلو والزندقة؟

قم.. المدينة المقدسة عند الشيعية الصفوية

تاريخ الفرق الإسلامية وغلاة الشيعة الإثنا عشرية

 

وقد أثبت التاريخ أن بيئة التشيع الإثني عشري، بما تحويه مصادرها من غلو وخرافات، كانت المناخ الملائم والتربة الصالحة لظهور أخطر الفرق التي هدمت أصول الدين.

ولذلك قال الإمام الغزالي قولته الشهيرة: "إن مذهب الباطنية ظاهره الرفض، وباطنه الكفر المحض".

سنتناول أبرز الفرق التي خرجت من رحم الإثني عشرية، لنرى كيف كانت أفكارها مجرد امتداد طبيعي للغلو الموجود أصلاً في مصادر التشيع.

أولاً: النصيرية (العلوية) - تأليه علي بن أبي طالب

تُعد النصيرية، التي تلقب نفسها اليوم بـ "العلوية"، من أبرز الفرق التي انبثقت مباشرة من رحم التشيع الإثني عشري. أسسها محمد بن نصير النميري، الذي كان أحد أدعياء "البابية" لمهدي الشيعة المزعوم.

يقوم دين النصيرية على عقيدة تأليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ففي كتابهم المقدس المسمى "المجموع"، يوصف علي بأنه "أحد صمد لم يلد ولم يولد"، و"نور الأنوار"، و"مدبر الأمور". وفي كتاب آخر لهم بعنوان "تعليم ديانة النصيرية"، يأتي السؤال: "من الذي خلقنا؟"

 ويكون الجواب:

"علي بن أبي طالب أمير المؤمنين".

الشبهة: هل هذه العقيدة خاصة بالنصيرية أم لها جذور في التشيع؟

الجواب:

 إن هذه العقيدة الكفرية ليست غريبة على المذهب الإثني عشري، بل هي موجودة في صميم مصادره المعتمدة.

 تروي مصادرهم عن جعفر الصادق أنه عندما حدث رعد وبرق، قال: "أما إنه ما كان من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم... أمير المؤمنين". وهذا إشراك صريح لعلي رضي الله عنه في الربوبية وتدبير الكون، وهو ما يقول به النصيرية.

 في كتاب "سليم بن قيس"، وهو من مصادرهم، يُدعى علي رضي الله عنه بصفات الله: "يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن"، وهي نفس الأوصاف المذكورة في قوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (الحديد: 3).

 بل إن أحد "آياتهم" المعاصرين، عبد الحسين العاملي، يقول في مدح علي:

أبا حسن أنت عين الإله ... وعنوان قدرته السامية وأنت مدير رحى الكائنات ... وعلة إيجادها الباقية لك الأمر إن شئت تنجي غداً ... وإن شئت تسفع بالناصية

وهذا يؤكد أن عقيدة تأليه علي ليست مجرد انحراف نصيري، بل هي نتيجة طبيعية للغلو الموجود في التراث الإثني عشري. ورغم أن كتبهم القديمة كانت تكفر النصيرية، إلا أن الدولة الخمينية المعاصرة سعت لاحتوائهم، حتى صرح أحد علمائهم بأن "العلويين والشيعة كلمتان مترادفتان"، وهو ما يفسر التحالف القائم بينهم اليوم في الشام.

ثانياً: الشيخية والكشفية - بوابة البابية والبهائية

الشيخية هم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي (ت 1241هـ)، وهو من كبار شيوخ الإثني عشرية. وقد نُسب إليه القول بالحلول، وتأليه الأئمة، وإنكار المعاد الجسماني. ومن بعده جاء تلميذه كاظم الرشتي فأسس فرقة "الكشفية" التي زادت في الغلو والتطرف، وادعت الكشف والإلهام.

كانت هاتان الفرقتان هما الجسر الذي عبرت عليه حركات أشد كفراً وزندقة.

ثالثاً: البابية - من ادعاء البابية إلى ادعاء الألوهية

انبثقت البابية من رحم الشيخية عام 1844م على يد علي محمد الشيرازي. بدأ الشيرازي مسيرته بالادعاء أنه "الباب" الذي يوصل إلى مهدي الشيعة المنتظر، وهي فكرة متجذرة في عقيدة الإثني عشرية. ثم تطور به الأمر فادعى أنه هو المهدي نفسه، ثم ادعى النبوة، ثم انتهى به المطاف إلى ادعاء أن الله قد حلّ فيه.

إن فكرة "المهدي المنتظر" و"الغيبة" التي تشكل محور الدين الإثني عشري، هي التي وفرت المناخ المثالي لظهور مثل هذه الادعاءات.

رابعاً: البهائية - امتداد للبابية واحتضان صهيوني

بعد مقتل الباب، تطورت حركته على يد أحد أتباعه، الميرزا حسين علي المازندراني، الملقب بـ "البهاء". ادعى البهاء أنه هو النبي الحقيقي الذي كان الباب مجرد مبشر به، ثم ادعى الألوهية صراحة، وقال في كتابه "الأقدس": "إنه لا إله إلا أنا الفرد الباقي القديم".

وقد غيرت البهائية قبلتها إلى المكان الذي يقيم فيه "البهاء" في عكا، وابتدعت صلاة جديدة، واتخذت من عيد المجوس (النيروز) عيداً لها، لتعلن عن نفسها كديانة جديدة منفصلة تماماً عن الإسلام، احتضنتها الصهيونية العالمية وجعلتها إحدى أدواتها في المنطقة.

خاتمة: شجرة خبيثة وفروعها أخبث

إن النصيرية والشيخية والبابية والبهائية ليست سوى نماذج لأخطر الفرق التي خرجت من رحم التشيع الإثني عشري. وكما يقول الباحث العراقي محمود الملاح، فإن الإثني عشرية نفسها منقسمة اليوم إلى فرق عديدة (أصولية، أخبارية، شيخية، كشفية، ركنية...) يكفر بعضها بعضاً.

إن هذا التشرذم والولادة المستمرة لفرق الغلو والزندقة من جسد التشيع الإثني عشري يثبت حقيقة واحدة: أن هذا المذهب، بما يحويه من أساطير وخرافات وغلو وتأليه للبشر، هو بيئة غير صالحة لنمو إيمان صحيح. لقد كان ولا يزال "مأوى شر الطوائف"، والباب الخلفي الذي يتسلل منه أعداء الإسلام لهدمه من الداخل تحت ستار محبة آل البيت، وآل البيت منهم براء.

المصادر:

 ابن خلدون، "تاريخ ابن خلدون".

 ابن تيمية، "مجموع الفتاوى" و "منهاج السنة النبوية".

 الغزالي، "فضائح الباطنية".

 محب الدين الخطيب، "الخطوط العريضة".

 الطوسي، "الغيبة".

 المجلسي، "بحار الأنوار".

 المفيد، "الاختصاص".

 كتاب "سليم بن قيس".

 حسن الشيرازي، "العلويون شيعة أهل البيت".

 الألوسي، "مختصر التحفة الإثني عشرية".

 إحسان إلهي ظهير، "البابية عرض ونقد".

 محسن عبد الحميد، "حقيقة البابية والبهائية".

 محمود الملاح، "الآراء الصريحة في بيان ما عليه الأباضية والزيدية والشيعة".