من الروايات التي أثارت جدلاً قديماً وحديثاً بين أهل العلم والمخالفين لهم، حديث أم الطفيل رضي الله عنها المروي بلفظ «رأيت ربي في المنام في صورة شاب موفر في خضر عليه نعلان من ذهب…». وقد تنازع المحدثون في حكمه، حيث اتفق كبار النقاد على نكارة سنده وضعف رجاله، مع بيان أن بعض ألفاظه لا تثبت، وأن ما صح منه محمول على الرؤيا المنامية لا على الحقيقة.
في المقابل، استغل بعض الكاتبين هذا الحديث بتحريفه أو نسب تصحيحه زوراً إلى علماء لم يثبت عنهم ذلك، مما يقتضي بيان الحق ودفع التدليس.
مقالات ذات صلة:
شبهة: المجرة التي في السماء من عرق الأفعى
شبهة: إذا جلس الرب على الكرسي (جلوس الرب)
شبهة: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (يقعده معه على العرش)
معنى قوله ﷺ: "بذراع الجبار" في وصف غلظ جلد الكافر
حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا يحيى بن بكير حدثنا أحمد بن رشدين ثنا يحيى بن سليمان الجعفي وأحمد بن صالح قالوا ثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر بن حزم الأنصاري عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب قالت: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت ربي في المنام في صورة شاب موقر في خضر عليه نعلان من ذهب وعلى وجهه فراش من ذهب الحديث» (رواه الطبراني 25/ 144).
قال الهيثمي:
«قال ابن حبان أنه حديث منكر لأن عمارة بن عامر بن حزم الأنصاري لم يسمع من أم الطفيل ذكره في ترجمة عمارة في الثقات» (مجمع الزوائد7/179).
قلت: وفيه مروان بن عثمان حكى الذهبي طعن أهل العلم فيه (ميزان الاعتدال7/42).
كذلك فعل الخطيب البغدادي في مروان بن عثمان (تاريخ بغداد13/311).
كذلك فعل ابن الجوزي في (العلل المتناهية في الأحاديث الواهية1/29).
كذلك فعل ملا علي قاري في (تنزيه الشريعة 1/245).
وزعم الكوراني زورا أن الألباني صحح الحديث بهذا النص «رأيت ربي في المنام في صورة شاب موفر في خضر عليه نعلان من ذهب. على وجهه فراش من ذهب» (الوهابية والتوحيد ص174).
والشيخ الألباني إنما صحح القسم الأول منه (رأيت ربي في المنام في أحسن صورة). قال ابن أبي عاصم «وذكر كلاما». هكذا الرواية فقط من غير زيادة (عليه نعلان من ذهب كما فعل الكذاب الكوراني الذي أورد النص كاملا في كتابه بما فيه (عليه نعلان من ذهب..الخ) ثم زعم أن الألباني صححه بهذا النص.
قال الألباني «حديث صحيح بما قبله» والحديث الذي قبله هو هكذا (إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة). ثم قال الألباني «وإسناده ضعيف مظلم» (السنة لأبي عاصم ح رقم 471).
وأكرر بأن من صحح الرواية ليس وهابيا، وإنما يصححها على أنها منام. ويمكن للنبي أن يرى شيئا على خلاف حقيقته كما رأى إبراهيم أنه يذبح ولده اسماعيل ولم يفعل وكما رأى يوسف أن الشمس والقمر كانوا له ساجدين. وهذا تصريح بأن هذه رؤية منام.
قال ابن الجوزي:
«ورؤيا المنام وهم والأوهام لا تكون حقائق، والإنسان يرى نفسه كأنه يطير أو كأنه قد صار بهيمة» (دفع شبه التشبيه ص150).
قال الحافظ بن طاهر المقدسي:
«باطل موضوع قاتل الله واضعه فنسب بعضهم وضعه إلى نعيم بن حماد وكان يضع الحديث. قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر وقال ابن عقيل هذا حديث مقطوع بكذبه فكل ما ورد من هذا فكذب وفي رواية مروان بن عثمان مجهول قال النسائي ومن مروان حتى يصدق على الله قال البيهقي قد حمله بعضهم على أنه رآه في المنام قالوا إن رؤيا النوم قد تكون وهما جعله الله تعالى دلالة للرائي على ما كان أو يكون» (إيضاح الدليل1/205).