تقوم العقيدة الشيعية الإمامية على مبدأ خطير يقلب مفهوم حجية القرآن، إذ يصرّ كبار علمائهم على أن القرآن الكريم لا يكون حجة إلا بعد أن يفسره "القيم" المتمثل في الإمام المعصوم، بدءًا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وتؤكد نصوصهم المروية في أصول الكافي، ووسائل الشيعة، وهداية الأمة، والبرهان في تفسير القرآن، على أن استنباط الأحكام من ظاهر القرآن بغير تفسير الأئمة باطل وضلال، بل يصل الأمر إلى تكفير من يفسره برأيه. هذه الرؤية تجعل الإمام فوق النص، وتحصر فهم الوحي في دائرة مغلقة، مما يتناقض مع عالمية القرآن وكونه هدى للعالمين.
من أخطر ما يروّجه الفكر الشيعي الإمامي اعتقاده أن القرآن الكريم لا يكون حجة على الناس إلا بوجود "القيم" الذي يفسره، وأن هذا القيم هو الإمام المعصوم، بدءًا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه وحده ومن بعده الأئمة يملكون العلم الكامل بالتنزيل والتأويل. وتُصرّ مصادرهم الكبرى، مثل أصول الكافي، ووسائل الشيعة، والبرهان، وهداية الأمة، على أن تفسير القرآن بغير ما ورد عن الأئمة باطل وضلال، بل يصل الأمر إلى تكفير من يفسره برأيه. هذه العقيدة لا تكتفي بجعل الأئمة شارحين للقرآن، بل تجعلهم الحجة المطلقة فوق النص، وهو ما يعيد تعريف سلطة القرآن في الدين الإسلامي من كونه كلام الله المحكم، إلى كونه "كتابًا صامتًا" لا معنى له إلا بلسان الإمام.
قال الحر العاملي:
الباب التاسع: استباط أحكام القرآن بعد تفسيرها من الأئمة:
في عدم جواز استنباط الأحكام من ظواهر القرآن إلَّا بعد معرفة تفسيرها من الأئمّة عليهم السلام، وقد مرّ أيضا، والأحاديث فيه متواترة، نكتفي منها باثني عشر.
قال رجل للصادق عليه السلام:
إنّي قلت للناس: من الحجّة للَّه على خلقه؟ فقالوا: القرآن، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئي والقدريّ والزنديق الذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أنّ القرآن لا يكون حجّة إلَّا بقيّم، ولم أجد أحدا يقال: إنّه يعرف القرآن كلَّه إلَّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فأشهد أنّ عليّا كان قيّم القرآن، وكانت طاعته مفترضة، وأنّ ما قال في القرآن فهو حقّ، فقال: رحمك اللَّه.
2 - قال أبو جعفر الثاني عليه السلام لرجل:
إن كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله لم يستخلف أحدا فقد ضيّع من في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلى، لو وجدوا له مفسّرا، قال: وما فسّره رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله؟ قال: بلى، فسّره لرجل واحد، وفسّر للأمّة شأن ذلك الرجل، وهو عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
3 - سئل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى:
﴿وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ (1)
قال: أمير المؤمنين والأئمّة عليهم السلام.
4 - سئل عليه السلام عن قوله تعالى:
﴿بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾، قال: هم الأئمّة عليهم السلام خاصّة.
5 - قال عليه السلام في قوله تعالى:
﴿قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ﴾
عندنا واللَّه علم الكتاب كلَّه.
6 - قال أبو الحسن عليه السلام:
إنّ القرآن له ظهر وبطن.
7 - قال الباقر عليه السلام لقتادة: بلغني (1)
أنّك تفسّر القرآن؟ قال:
نعم، فقال: ويحك يا قتادة، إن كنت إنّما فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة، إنّما يعرف القرآن من خوطب به.
من مقالات السقيفة:
نقد التشيع في "كشف أسرار ألف عام" لعلي أكبر حكمي زاده
8 - قال عليّ عليه السلام:
إنّ علم القرآن ليس يعلم ما هو إلَّا من ذاق طعمه فعلم بالعلم جهله، فاطلبوا ذلك من عند أهله وخاصّته، فإنّهم خاصّة نور يستضاء به، وأئمّة يقتدى بهم.
9 - قال عليه السلام:
اتّقوا اللَّه ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون، فإنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله قد قال قولا آل منه إلى غيره، قيل: فما نصنع بما خبّرنا به في
المصحف؟ قال: يسأل عن ذلك علماء آل محمّد عليهم السلام.
10 - في الحديث القدسيّ:
ما آمن بي من فسّر برأيه كلامي، وما على ديني من استعمل القياس في ديني.
11 - قال عليه السلام:
إنّ اللَّه أنزل عليّ القرآن، وهو الذي من خالفه ضلّ، ومن ابتغى علمه عند غير عليّ هلك.
12 - مرّ عليّ عليه السلام على قاض فقال:
أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا، قال: هلكت وأهلكت، تأويل كلّ حرف من القرآن على وجوه.
هداية الامة الى احكام الائمة - الحر العاملي - ج 8 ص 388 ط مجمع البحوث الإسلامية - مشهد - ايران
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة (1) على أبي جعفر (عليه السلام) فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفر (عليه السلام): بلغني أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة: نعم، فقال له أبو جعفر (عليه السلام) بعلم تفسره أم بجهل؟ قال: لا بعلم، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت (2) وأنا أسألك؟ قال قتادة: سل قال:
أخبرني عن قول الله عز وجل في سبأ: ﴿ وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ﴾.
فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله، فقال أبو جعفر (عليه السلام): نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق
فتذهب نفقته ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه؟ (4) قال قتادة: اللهم نعم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل: ﴿ واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم (5) ﴾ ولم يعن البيت فيقول: إليه، فنحن والله دعوة إبراهيم (عليه السلام) التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة، قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به.
الكافي ج 8 ص 312 - وسائل الشيعة ج 27 ص 185