يُثير الرافضة بين الحين والآخر شبهة متكررة مفادها أنّ نكاح المتعة كان مشروعًا في الإسلام، وأنّ الذي حرمه هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا رسول الله ﷺ. ولأجل ذلك جعلوه ركناً من مذهبهم ووسيلة للطعن في الصحابة الكرام.

والحقيقة أن النصوص الصحيحة الثابتة في "الصحيحين" وغيرهما، بل وحتى في كتب الشيعة أنفسهم، تدل دلالة قاطعة على أنّ التحريم صدر من النبي ﷺ نفسه، وأنه حرّمه تحريمًا مؤبدًا إلى يوم القيامة.

لقد أُبيح نكاح المتعة في أول الإسلام لحاجة عارضة، ثم نُسخ وأُبطل تحريمًا مؤكدًا، وأجمع الصحابة على ذلك.

وقد شدد عمر رضي الله عنه في النكير على من لم يبلغه النسخ، حماية للشريعة وصيانة للأعراض. ومن هنا تظهر بطلان دعوى الرافضة، ويتجلى ثبوت حكم الله ورسوله في هذه المسألة.

عن عطاء قال:

قدم جابر بن عبد الله معتمرا. فجئناه في منزله. فسأله القوم عن أشياء. ثم ذكروا المتعة.

اخترنا لكم من مقالات السقيفة:

إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي

روايات الكافي: مزاعم إضافة أسماء علي والأئمة إلى نصوص القرآن

الروايات الشيعية في النهي عن البناء على القبور (1) 

فقال: نعم. استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. وفي رواية «فقال جابر: فعلناهما مع رسول الله. صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر. فلم نعد لهما»

(رواه مسلم1405).

عن إياس بن سلمة، عن أبيه، قال:

 رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس، في المتعة ثلاثا. ثم نهى عنها

(رواه مسلم1405).

عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه سبرة أنه قال:

 «أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة. فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر. كأنها بكرة عيطاء. فعرضنا عليها أنفسنا. فقالت: ما تعطي؟ فقلت: ردائي. وقال صاحبي: ردائي. وكان رداء صاحبي أجود من ردائي. وكنت أشب منه. فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها. ثم قالت: أنت ورداؤك يكفيني. فمكثت معها ثلاثا. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان عنده شيء من هذه النساء التي يتمتع، فليخل سبيلها»

(رواه مسلم رقم1406).

عن الربيع بن سبرة الجهني:

 أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء. وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله. ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا»

(مسلم1406).

عن عبدالملك بن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه عن جده قال:

«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة. ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها».

 عن الربيع بن سبرة، عن أبيه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن نكاح المتعة» وفي رواية «نهى يوم الفتح عن متعة النساء».

وعن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال:

«إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال: إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين (يريد رسول الله) صلى الله عليه وسلم فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك».

قال ابن شهاب:

فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله أنه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلا قال: ما هي؟ والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين. قال ابن أبي عمرة: إنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها».

قال ابن شهاب: «وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال: قد كنت استمتعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر، ببردين أحمرين ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة». قال ابن شهاب: وسمعت ربيع بن سبرة يحدث ذلك عمر بن عبد العزيز، وأنا جالس.

وعن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة.

وقال: «ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة. ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه» (مسلم1406).

عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية»

(مسلم1407).

عن جويرية عن مالك، بهذا الإسناد. وقال:

سمع علي بن أبي طالب يقول لفلان: «إنك رجل تائه. نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن يحيى عن مالك».

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب جميعا عن ابن عيينة قال زهير: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن الحسن وابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية» (مسلم1407).

مقالات السقيفة ذات الصلة:

الشيعة - النشأة، الفرق، الأصول والعقائد

نفي العصمة من أقوال الائمة

الائمة يستخدمون الولاية التكوينية للضرورة القصوى 

وعن الحسن وابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي:

 «أنه سمع ابن عباس يلّين في متعة النساء فقال: مهلا. يا ابن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية».

وعن الحسن و ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما أنه سمع علي بن أبي طالب يقول لابن عباس: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية»

(مسلم1407).

وهذه الأحاديث كلها في صحيح مسلم.

تحريم المتعة من كتب الشيعة

روى أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره وابن إدريس في سرائره عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله في المتعة قال: ما يفعله عندنا إلا الفواجر

(ابن ادريس في سرائره ص483والوسائل 14/456، وبحار الأنوار100/318)

وروى ابن إدريس في (سرائره ص66) و أحمد بن محمد في (نوادره ص66) بإسناده عن ابن سنان قال: «سألت أبا عبد الله عن المتعة فقال لا تدنس بها نفسك»

(الوسائل 14/450).

وروى الكليني عن المفضل قال:

 «سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في المتعة: دعوها أما يستحي أحدكم أن يرى في موضع العورة فيحمل ذلك على صالحي إخوانه وأصحابه»

(الكافي5/453 البحار100 و103/ 311 العاملي في (وسائله 14/450) النوري في (مستدرك البحار14/ 455).

وروى المفيد والكليني عن علي بن يقطين قال:

 سألت أبا الحسن عن المتعة فقال: «ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها»

(خلاصة الإيجاز في المتعة للمفيد ص57 الوسائل14/449 نوادر أحمد ص87ح199).

وروى الكليني عن عمار قال:

«قال أبو عبد الله (ع) لي ولسليمان بن خالد: «قد حرمت عليكما المتعة».

وروى المفيد والكليني عن ابن شمون قال: كتب أبو الحسن (ع) إلى بعض مواليه لا تلحوا علّي المتعة إنما عليكم إقامة السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكفرن ويتبرين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنونا!!

فإن أرادوا الإفلات عن هذه الأحاديث وأن الإمام قالها تقية كما زعم بعضهم، فالجواب أن لا تقية في متعة النساء!

قال كاشف الغطاء في أصل الشيعة:

 «ومن طرقنا الوثيقة عن جعفر الصادق (ع) أنه كان يقول: ثلاث لا أتقي فيهن أحدا: متعة الحج ومتعة النساء والمسح على الخفين»

(أصل الشيعة وأصولها ص100).

فزواج المتعة كان مباحاً في أول الإسلام ثم حُرِّم ثم أبيح ثم حُرم إلى يوم القيامة، والذي حرمه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحرمه عمر ولا علي رضي الله عنهما، إنما شدد عمر في النكير على من لم يبلغه التحريم والذي روى حديث التحريم المؤبد هو علي رضي الله عنه.

وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما:

 «أن عليا رضي الله عنه قال لابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر»

(صحيح البخاري6/129)

وفي رواية «عن متعة النساء زمن خيبر» (ص 230) ولا يصح زواج المتعة حضرا ولا سفرا فإنها حرام إلى يوم القيامة. كما أخرج البيهقي من حديث أبي ذر قال «إنما أحلت لنا أصحاب محمد متعة النساء ثلاثة أيام ثم نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم». وجاء النسخ المؤبد بقوله صلى الله عليه وسلم «إنها حرام إلى يوم القيامة» (السنن الكبرى7/203). ومن كتب الرافضة

(لاستبصار3/142) والتهذيب(7/251). وسائل الشيعة21/12).

فظهر أن عمر إنما شدد في تحريمها وأن الذي استمتع في عهد أبي بكر وشطراً من خلافة عمر لم يبلغه النسخ إلى التحريم، منهم جابر رضي الله عنه نفسه. وليست الحجة فيمن جهل حكم نسخها وإنما الحجة في صرح كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

وليس في الحديث دلالة على أن أبا بكر رضي الله عنه كان يرى حلها إذ لم يذكر جابر اطلاع أبي بكر على فاعلها والرضى به، وأنه لا يلزم من كون البعض فعلها أو مارسها في عهد أبي بكر أن يكون مطلعاً عليها ولعل السبب في عدم اطلاع الصديق عليها لكونها «نكاح سر» حيث لم يشترط فيها الإشهاد، ولما كانت خالية عن الإعلان حق لها أن تخفي على القريب فضلا عن المضطلع بأعباء الخلافة وأمر المسلمين كافة كأبي بكر.