يُعَدّ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من أعظم شجعان الإسلام، فقد شارك في المعارك الكبرى إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مضرب المثل في الإقدام والثبات. وقد شهدت له بدر وأحد وخيبر بمواقف خالدة أثبتت قوته وبسالته. غير أن بعض غلاة الشيعة لم يكتفوا بذكر فضائله الثابتة، بل اختلقوا قصصاً وأساطير لا يصدقها عقل، وأضافوا إلى سيرته ما لم يحدث، حتى نسبوا إليه معجزات وخوارق ما أنزل الله بها من سلطان، مخالفين بذلك حقيقة سيرته الناصعة وما ورد عن أهل البيت والصحابة الكرام.
شجاعة علي:
وهذا مع قول علي: إني والله لو لقيتهم واحداً وهو طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت)
[(نهج البلاغة) ص452 تحقيق صبحي].
وهو الذي يحكون عنه أن أبا وائلة يقول: كنت أماشي فلاناً - أي عمر كما صرح باسمه المجلسي في حياة القلوب - إذ سمعت منه همهمة، فقلت له: مه، ماذا يا فلان؟ فقال: ويحك أما ترى الهزبر القضم ابن القضم، والضارب بالبهم، الشديد على من طغى وبغى، بالسيفين والراية، فالتفت فإذا هو علي ابن أبي طالب، فقلت له: يا هذا هو علي بن أبي طالب، فقال: ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته، بايعنا النبي يوم أحد على أن لا نفرّ، ومن فرّ منا فهو ضال ومن قتل منا فهو شهيد والنبي زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كل صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طحونتنا، فرأيت علياً كالليث يتقي الذر وإذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا ثم قال: شاهدت الوجوه وقطت وبطت ولطت، إلى اين تفرون؟ إلى النار، فلم نرجع، ثم كرّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت، فقال: بايعتم ثم نكثتم، فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن قتل، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً، أو كالقدحين المملوءين دماً، فما ظننت إلا ويأتي علينا كلنا، فبادرت أنا إليه من بين أصحابي فقلت: يا أبا الحسن! الله الله، فإن العرب تكرّ وتفرّ وإن الكرة تنفي الفرة، فكأنه عليه السلام استحيى فولى بوجهه عني، فما زلت أسكن روعة فؤادي، فوالله ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتى الساعة)
[(تفسير القمي) ج1 ص114، 115].
ورووا في شجاعة عليّ قصصاً كثيرة، ومنها ما رواه القطب الراوندي: (إن علياً بلغه عن عمر ذكره شيعته فاستقبله في بعض طرق البساتين وفى يد علي (ع) قوس فقال: يا عمر! بلغني عنك ذكرك شيعتي فقال: اربع على ظلعك فقال عليه السلام: إنك لههنا، ثم رمى بالقوس على الأرض فإذا هو ثعبان كالبعير فاغراً فاه وقد أقبل نحو عمر ليبتلعه فصاح عمر الله الله يا أبا الحسن! لا عدت بعدها في شيء، وجعل يتضرع إليه فضرب بيده إلى الثعبان فعادت القوس كما كانت فمضى عمر إلى بيته مرعوباً)
[(كتاب الخرائج والجرائح) ص20، 21 ط بمبئي 1301ه].
وأيضاً ما ذكره سليم بن قيس العامري الشيعي اللعان السباب الخبيث أن علياً شتم عمر وهدده بقوله: والله لو رمت ذلك يا ابن صهاك لأرجعت إليك يمينك، لئن سللت سيفي لأغمدته دون إزهاق نفسك فرمّ ذلك، فانكسر عمر وسكت وعلم أن علياً إذا حلف صدق، ثم قال على (ع): يا عمر! ألست الذي هم بك رسول الله وأرسل إلي فجئت متقلداً بسيفي، ثم أقبلت نحوك لأقتلك فأنزل الله عز وجل: ﴿فلا تعجل عليهم إنما نعدّ لهم عدا﴾ قال ابن عباس: ثم إنهم تآمروا وتذاكروا فقالوا: لا يستقيم لنا أمر مادام هذا الرجل حياً، فقال أبو بكر: من لنا بقتله؟ فقال عمر: خالد بن الوليد، فأرسلا إليه، فقالا: يا خالد! ما رأيك في أمر نحملك عليه؟ قال: احملاني على ما شئتما، فوالله! إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت، فقالا: والله ما نريد غيره قال: فأنى لها، فقال أبو بكر: إذا قمنا في الصلاة، صلاة الفجر، فقم إلى جانبه ومعك السيف، فإذا سلمت فاضرب عنقه، قال: نعم! فافترقوا على ذلك، ثم إن أبا بكر تفكر فيما أمر به من قتل علي (ع) وعرف إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل، فندم على أمره فلم ينم ليلته تلك حتى أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة فتقدم فصلى بالناس مفكراً لا يدري ما يقول، وأقبل خالد بن الوليد متقلداً بالسيف حتى قام إلى جانب عليّ وقد فطن عليّ ببعض ذلك، فلما فرغ أبو بكر من تشهده صاح قبل أن يسلم يا خالد! لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك، ثم سلم عن يمينه وشماله، فوثب علي عليه السلام فأخذ بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده ثم صرعه وجلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالداً فما قدروا عليه، فقال العباس حلفوه بحق القبر لما كففت فحلفوه بالقبر فتركه وقام فانطلق إلى منزله)
[كتاب سليم بن قيس العامري ص256،257].
هذا ولقد بالغوا وأكثروا في شجاعته وقالوا: كان يملك من القوة حتى (إن علياً ركض برجله الأرض يوماً فتزلزلت الأرض)
[(تفسير البرهان مقدمة ص74].
وتزلزلت يوماً فركضها حتى سكنت كما يكذب الصافي:
(عن فاطمة عليها السلام قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر وفزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام، فتبعهما الناس إلى أن انتهوا إلى باب علي عليه السلام فخرج عليهم غير مكترث لما هم فيه، فمضى واتبعه الناس حتى انتهوا إلى تلعة فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة، فقال لهم علي: كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا: وكيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط؟ فحرّك شفتيه وضرب بيده الشريفة، ثم قال: مالك اسكني، فسكنت بإذن الله، فتعجبوا من ذلك أكثر من تعجبهم الأول حيث خرج إليهم، قال لهم: فإنكم تعجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم! قال أنا الرجل الذي قال الله: ﴿إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها﴾:
من مقالات السقيفة: |
معنى الركوع في القرآن بين الخضوع والعبادة الامامة والائمة والعصمة والمهدي |
فأنا الإنسان الذي يقول لها: مالك، ﴿يومئذ تحدث أخبارها﴾ إياي تحدث)
[(الصافي) ص571].
وأكثر من ذلك، أنه صرع إبليس يوماً بقوته الجبارة كما رواه ابن بابويه القمي في (عيون أخبار الرضا) [ج2 ص72]. هذا ومثل هذا كثير.
وما دمنا بدأنا في هذا نريد أن نكمل البحث بإيراد حكاية باطلة غريبة تدل على أكاذيب القوم وأساطيرهم التي نسجوها، وبنوا عليها مذهبهم، وأسسوا عليها عقائدهم، وهي منقولة من (كتاب الأنوار النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري [هو نعمة الله بن عبد الله الحسيني الجزائري (كان من أعاظم علمائنا المتأخرين، وأفاخم فضلائنا المتبحرين، صاحب قلب سليم ووجه وسيم وطبع مستقيم، وله الكتاب (الأنوار النعمانية) المشتمل على ما كان من ثمر عمر جيداً .. وقال الحر العاملي: فاضل، عالم، محقق، علامة، جليل القدر، مات سنة 1112ه وه من تلاميذ المجلسي)
(روضات الجنات للخوانساري ج8 ص150 وما بعد)] فإنه يقول:
روى البرسي في كتابه لمّا وصف وقعة خيبر (وإن الفتح فيها كان على يد علي (ع) وإن جبريل (ع) جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مستبشراً بعد قتل مرحب، فسأله النبي (صلى الله عليه وسلم) عن استبشاره فقال: يا رسول الله! إن علياً لما رفع السيف ليضرب به مرحباً أمر الله سبحانه إسرافيل وميكائيل أن يقبضا عضده في الهواء حتى لا يضرب بكل قوته ومع هذا قسمه نصفين وكذا ما عليه من الحديد وكذا فرسه ووصل السيف إلى طبقات الأرض، فقال لي الله سبحانه: يا جبرئيل بادر إلى تحت الأرض وامنع سيف علي عن الوصول إلى ثور الأرض حتى لا تنقلب الأرض، فمضيت فأمسكته فكان على جناحي أثقل من مدائن قوم لوط وهى سبع مدائن قلعتها من الأرض السابعة ورفعتها فوق ريشة واحدة من جناحي إلى قرب السماء وبقيت منتظراً لأمر إلى وقت السحر حتى أمرني الله بقلبها، فما وجدت لها ثقلاً كثقل سيف عليّ فسأله النبي (صلى الله عليه وسلم): لم لا قلّبتها من ساعة رفعتها؟ فقال: يا رسول الله! إنه قد كان فيهم شيخ كافر نائم على قفاه، وشيبته إلى السماء، فاستحى الله سبحانه أن يعذبهم، فلما كان وقت السحر انقلب ذلك الشائب عن قفاه فأمرني بعذابها، وفى ذلك اليوم أيضاً لما فتح الحصن وأسروا نسائهم فكان فيهم صفية بنت ملك الحصن، فأتت النبي (صلى الله عليه وسلم) وفى وجهها أثر شجة، فسأله النبي (صلى الله عليه وسلم) عنها فقالت: إن علياً لما أتى الحصن وتعسر عليه أخذه أتى إلى برج من بروجه، فهزّه فاهتز الحصن كله، وكل من كان فوق مرتفع سقط منه وأنا كنت جالسة فوق سريري فهويت من عليه، فأصابني السرير فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم): يا صفية! إن علياً لما غضب وهزّ الحصن غضب الله لغضب علي (ع) فزلزل السماوات كلها حتى خافت الملائكة ووقعوا على وجوههم وكفى به شجاعة ربانية، وأما باب خيبر فقد كان أربعون رجلاً يتعاونون على سدّه وقت الليل، ولما دخل الحصن طار ترسه من يده من كثرة الضرب فقلع الباب وكان في يده بمنزلة الترس يقاتل فهو في يده حتى فتح الله عليه) [(الأنوار النعمانية) لنعمة الله الجزائري].
وهذا مع رواية اليعقوبي الشيعي (وبلغ أبا بكر وعمر أن جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة فقالت: والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجن إلى الله! فخرجوا وخرج من كان في الدار وأقام القوم أياماً ثم جعل الواحد بعد الواحد يبايع)
[(تاريخ اليعقوبي) ج2 ص126].
ولا ندري، من الصادق من القوم؟ نعمة الله الجزائري وسليم بن قيس العامري [هو سليم بن قيس العامري الهلالي الكوفي، مات سنة 90 تقريباً، يقولون عنه: إنه من أصحاب علي بن أبي طالب، فيكتب الخوانساري (صاحب أمير المؤمنين عليه السلام ومصنف كتاب مشهور الذي ينقل عنه في البحار وغيره.. وقد كان من قدماء علماء أهل البيت عليهم السلام، وإنه أدرك خمسة من الأئمة المعصومين عليهم السلام، هم أمير المؤمنين، والحسنان، وزين العابدين، والباقر) (روضات الجنات ج4 ص66).
ويقول القمي: له كتاب معروف وهو أصل من الأصول التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت (ع) وهو أول كتاب ظهر للشيعة معروف بين المحدثين، اعتمد عليه الشيخ الكليني والصدوق وغيرهما من القدماء) (الكنى والألقاب ج3 ص248)] والقطب الراوندي والقمي والمجلسي أو العياشي واليعقوبي؟
لا ندري، أم كلهم كذبة يكذبون ويحكون، ولا يدرون أن أهل البيت لم يقولوا، ولم يكونوا هكذا، ولو كانوا أو قالوا لما قالوا في أبي بكر، هو الصديق، وفى عمر، أنه ميمون النقيبة ومرضي السيرة، ولم يسموا أبناءهم بأسمائهم، ولم يناكحوهم ويعاشروهم ويمدحوهم بعد موتهم، فلا نستطيع أن نقول بعد رواية هذه الأشياء كلها: اللهم إلا أن أهل البيت كانوا صادقين في أفعالهم وأعمالهم، ومصيبين في أقوالهم وأحوالهم، والشيعة يكذبون عليهم، ويخالفونهم في معتقداتهم، ويعادون أحباءهم ورحمائهم وأقاربهم وقادتهم وأمرائهم وحكامهم، الذين أخلصوا لهم الطاعة والمناصحة والولاء والمشورة كما بينّاه سابقاً بالتفصيل.
وإلا فهل يعقل من مثل ذلك الرجل الشجاع الباسل، البطل الكمّي أن يجبره أبو بكر على بيعته، وعمر على تزويجه من بنته، وعثمان على رضائه بتقديمه، وتسمية أبنائه بأسمائهم رضوان الله عليهم أجمعين، ومعه من أهل بيته وأنصاره من معه؟.
والظاهر أن القوم مع إظهارهم ولاء أهل البيت يخالفونهم في بغضهم الخلفاء الراشدين وأصحاب نبي الله المختارين النجباء، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفداه أبوي وروحي: طوبى لمن رآني وآمن بي) [(كتاب الخصال) ج2 ص342].
وعلى كل وإننا لنذكر مخالفة القوم أهل البيت في عدائهم لأرحام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصهاره.
فبقول العياشي أيضاً في ذي النورين رضي الله عنه:
أن الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى﴾ نزلت في عثمان) [(تفسير العياشي) ج1 ص147، (البحار) ج8 ص217].
وأما القمي فليس أقل من العياشي في اللعن والطعن والتفسيق والتكفير، فيذكر تحت قول الله عز وجل: ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً﴾ ما بعث الله نبياً إلا وفي أمته شيطانان يؤذيانه ….. وأما صاحبا محمد فحبتر وزريق) [(تفسير القمي) ج2 ص242].
ولقد نقلنا عنه روايات عديدة في كتابنا (الشيعة والسنة)
وأما البحراني فهو على شاكلتهما، فيكتب تحت قول الله عز وجل ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار﴾ محترقا من معيّة الصديق النبي عليه الصلاة والسلام في سفره من مكة إلى المدينة، مهاجراً إلى الله، مصاحباً أبا بكر بأمر من الله وثقة في الصديق، ورغبة في صحبته، يقول: أمر رسول الله علياً فنام على فراشه، وخشي من أبي بكر أن يدلّهم عليه فأخذه معه إلى الغار)
[(البرهان) ج2 ص127].
ويكذب على أبي جعفر حيث يقول: إنه قال: إن رسول الله أقبل يقول لأبي بكر في الغار: اسكن، فإن الله معنا - إلى أن قال - تريد أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون، وأريك جعفر وأصحابه في البحر يعومون، فقال: نعم، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على وجهه، فنظر الأنصار جالسين في مجالسهم، ونظر إلى جعفر وأصحابه في البحر يغوصون، فأضمر تلك الساعة أنه ساحر)
[(البرهان) ص125، و(الروضة من الكافي) ج8 ص262].
وأما الفاروق، المطفئ نار المجوسية، والمكسر أصنام الكسروية وشوكتها، والهادم مجد اليهودية وعزها، المحبوب إلى حبيب الرب، والمبغوض إلى أعدائه وأعداء أمته، أبناء اليهود والمجوس، يقول فيه البحراني تحت قول الله عز وجل: ﴿وكان الشيطان للإنسان خذولاً﴾ وكان الشيطان هو الثاني، ﴿يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً﴾ يعنى الثاني ﴿لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني﴾ يعني الولاية)
[(البرهان) ج3 ص166].
ويمتد في غلوائه، ويتجاهر بالفحش والبذاءة حيث يقول: إبليس وما بمعناه كالمبلسين سيأتي في الشيطان تأويله بالثاني، ومنه يمكن استفادة تأويل إبليس به أيضاً لاتحاد المسمى بهما، وفي بعض الأخبار عن الأصبغ بن نباتة أن علياً عليه السلام أخرجه مع جمع فيهم حذيفة بن اليمان إلى الجبانة، وذكر معجزة عنه عليه السلام إلى أن قال: فقال علي عليه السلام: يا ملائكة ربي ايتوني الساعة بإبليس الأبالسة، وفرعون الفراعنة، فوالله! ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضروه عنده فلما جرّوه بين يديه قام وقال: واويلاه من ظلم آل محمد، واويلاه من اجترائي عليهم، ثم قال: يا سيدي ارحمني، فإني لا أحتمل هذا العذاب، فقال عليه السلام: لا رحمك الله ولا غفر لك أيها الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان، ثم التفت إلينا، فقال: سلوه حتى يخبركم من هو؟ فقلنا له: من أنت؟ فقال أنا إبليس الأبالسة وفرعون هذه الأمة، أنا الذي جحدت سيدي ومولاي أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين، وأنكرت آياته ومعجزاته الخبر، والظاهر أن المراد به الثاني حيث كان هو رأس المفسدين، وهو الذي أوّل به الشيطان في القرآن)
[(البرهان، مقدمة) ص98].
وأما محسن المسلمين والإسلام عثمان بن عفان فقد كتب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: قد أقلتك إسلامك فاذهب فأنزل الله تعالى: ﴿يمنون عليك أن أسلموا﴾ الخ) [(البرهان) ج4 ص215].
ويظهر بغضه وحقده للجميع فيقول تحت قول الله عز وجل: ﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم﴾ المراد هم الذين سموا أنفسهم [وقد أعماه الحسد والحقد والجهل حتى لم يدر بأن واحداً من هؤلاء الثلاثة لم يسم نفسه بهذه الأسماء، ولم ترد رواية في ذلك، بل سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بهذه الأسماء والألقاب كما مر سابقاً، والبغيض اللعان لم يدر أيضاً بأن الثابت في الروايات وكتب القوم أن علياً رضي الله عنه هو الذي سمى نفسه بهذه الأسماء، وأطلقها بنفسه على نفسه (أنا الصديق وأنا الفاروق) ((الاحتجاج) للطبرسي ج1 ص95) فافهم وتدبر] بالصديق والفاروق وذي النورين)
[(البرهان، مقدمة) ص172].
ويحكم ويتحكم أن المراد ﴿بمن ثقلت موازينه﴾ عليّ وشيعته، والمراد ﴿بمن خفت موازينه﴾ الثلاثة وأتباعهم [(مقدمة) ص333].
ويتقدم في تحكمه واستهزائه لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وأزواجه حيث يقول: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك﴾ نزلت في عائشة وحفصة وأبي بكر وعمر لما قذفوا مارية القبطية وجريحاُ) [(البرهان) ج3 ص127].
ومفسرهم الرابع الكاشاني ليس أقل لوماً ولا خبثاً من الآخرين من بني قومه، وهو الذي كتب تحت قول الله عز وجل: ﴿إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً﴾ نزلت في الأول والثاني والثالث والرابع (يعني معاوية) وعبد الرحمن وطلحة) [(تفسير صافي) للكاشاني ص136 ط إيران بالحجم الكبير].
وكتب تحت قول الله عز وجل: ﴿ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ لما أقام الرسول (علياً يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين، وهم أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة، قال عمر: (ألا ترون عينيه كأنهما عينا مجنون - يعني النبي -، يقوم ويقول: قال لي ربي) - أستغفر الله من نقل هذه الخرافة وهذا الكفر، ولعنة الله على الكاذبين –
[(الصافي) ص236 الحجم الكبير وص715 ج1 الحجم الصغير].
وشاتمهم الخامس المسمي نفسه بالمفسر، العروسي الحويزي، فيقول تحت قول الله تعالى: ﴿لها سبعة أبواب﴾ عن أبي بصير قال: يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب بابها الأول للظالم وهو زريق وبابها الثانى لحبتر والباب الثالث للثالث والرابع لمعاوية والخامس لعبد الملك والسادس لعكر بن هوسر والسابع لأبي سلامة، فهم باب لمن اتبعهم)
[(نور الثقلين) ج3 ص18].
وعلق المحشي اللعين على هذه الأسماء بقوله:
قال المجلسي: زريق كناية عن الأول لأن العرب يتشاءم بزرقة العين، والحبتر هو الثعلب ولعله إنما كنى عنه لحيلته ومكره، وفى غيره من الأخبار وقع بالعكس وهو أظهر إذا الحبتر بالأول أنسب، ويمكن أن يكون هنا أيضاً المراد ذلك، وإنما قدم الثاني لأنه أشقى وأفظ وأغلظ، وعسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء بنى أمية أو بني العباس. وكذا أبي سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي، ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل، إذ كان اسم جمل عائشة عسكراً وروى أنه كان شيطاناً)
[(نور الثقلين) ج3 ص18 ط قم – إيران].
وكتب تحت قول الله عز وجل: ﴿الذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون﴾ قال: الذين يدعون من دون الله الأول والثاني والثالث، كذبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: والوا علياً واتبعوه، فعادوا علياً ولم يوالوه، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم فذلك قول الله: والذين يدعون من دون الله …… (أموات غير أحياء) كفار غير مؤمنين …… (وهم مستكبرون) يعني عن ولاية علي)
[(نور الثقلين) ج3 ص47].