عُرِفَتْ وَصِيَّةُ الخُمَيْنِي السِّياسِيَّةُ بِأَنَّهَا مِنْ أَخْطَرِ الوَثَائِقِ الَّتِي تَرَكَها قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَيْثُ كَشَفَ فِيهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ الفِكْرِيَّةِ وَالسِّياسِيَّةِ لِلْعَالَمِ الإِسْلَامِيِّ.
غَيْرَ أَنَّ المُتَأَمِّلَ فِي نُصُوصِ هَذِهِ الوَصِيَّةِ يَقِفُ عَلَى مَقَاطِعَ تَفِيضُ بِلُغَةِ اللَّعْنِ وَالتَّحْرِيضِ، بَدْءًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ – الَّذِينَ لَعَنَهُمْ وَاعْتَبَرَ لَعْنَهُمْ شَعِيرَةً مُتَجَدِّدَةً رَغْمَ انْقِرَاضِهِمْ – وُصُولًا إِلَى الحُكَّامِ المُعَاصِرِينَ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ آلُ سَعُودٍ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِالخِيَانَةِ لِلْحَرَمِ المَكِّيِّ.
هَذَا الخِطَابُ القَائِمُ عَلَى الكَرَاهِيَةِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَى اللَّعْنِ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ رَأْيٍ شَخْصِيٍّ، بَلْ مُحَاوَلَةً لِتَثْبِيتِ نَهْجٍ طَائِفِيٍّ قَائِمٍ عَلَى اسْتِدْعَاءِ المَاضِي وَصِرَاعَاتِهِ لِيُسْقَطَ عَلَى الحَاضِرِ، بِمَا يَفْتَحُ أَبْوَابَ الفِتْنَةِ وَالانْقِسَامِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ.
رِوَايَةُ الخُمَيْنِي:
وَتَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّعْنَ وَالدُّعَاءَ عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ - لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِم - وَرَفْعَ الصَّوْتِ اسْتِنْكَارًا لِظُلْمِهِمْ يُمَثِّلُ - وَرَغْمَ انْقِرَاضِهِمْ وَارْتِحَالِهِمْ إِلَى جَهَنَّم - صَرْخَةً ضِدَّ الظَّالِمِينَ فِي العَالَمِ، وَإِحْيَاءَ هَذِهِ الصَّرْخَةِ تَحْطِيمًا لِلظُّلْمِ.
وَمِنَ الضَّرُورِيِّ أَنْ تُبَيَّنَ - وَبِصُورَةٍ قَارِعَةٍ - فَجَائِعُ الظَّالِمِينَ وَجَوْرُهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ، ضِمْنَ أَشْعَارِ النِّيَاحَةِ وَالمَرَاثِي، وَفِي أَشْعَارِ المَدِيحِ لِأَئِمَّةِ الحَقِّ (عَلَيْهِمْ سَلاَمُ اللهِ).
وَيَنْبَغِي فِي هَذَا الزَّمَانِ وَهُوَ زَمَانُ مَظْلُومِيَّةِ العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ عَلَى يَدِ أَمْرِيكَا وَالاِتِّحَادِ السُّوفْيِيتِيِّ وَسَائِرِ عُمَلَائِهِمَا، وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ آلُ سَعُودٍ خَوَنَةُ الحَرَمِ الإِلَهِيِّ العَظِيمِ (لَعْنَةُ اللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ عَلَيْهِمْ) يَنْبَغِي التَّذْكِيرُ بِذَلِكَ ـ وَبِصُورَةٍ قَارِعَةٍ ـ وَإِرْسَالُ اللَّعْنِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ."
الوَصِيَّةُ السِّيَاسِيَّةُ ـ الإِلَهِيَّةُ: لِلإِمَامِ الخُمَيْنِي، صــ 432 - 433