يُثار كثيرٌ من الجدل حول شخصية يزيد بن معاوية رضي الله عنه، وما ارتبط بها من أحداث جسام مثل مقتل الحسين رضي الله عنه، ومعركة الحَرّة، وغيرها من الفتن الكبرى التي شابت صدر الإسلام. وقد نُسبت إلى يزيد روايات وأخبار تحمل طابع التضليل والتهويل، منها ما لا يصح سندًا ولا متناً، ومنها ما افتراه الخصوم لتشويه صورة الدولة الأموية وجيش المسلمين. وفي هذا المقال نعرض جملة من الضوابط الشرعية المتعلقة باللعن، ونتناول بالنقد والتحقيق تلك الروايات المتصلة بيزيد، مبيّنين موقف أهل السنة والجماعة، وموضحين أنّ الإنصاف والعدل يقتضيان ردَّ الباطل وعدم تحميل الأفراد ما لم يثبت بيقين.
♣ لا يصح حديث: «حيثما مررتَ بقبر مشرك فبشّره بالنار».
♣ على طالب العلم مراعاة أقوال الأئمة المتقدمين، والأخذ بعين الاعتبار أحكام أهل العلم ونقّاد الحديث على الروايات المراد بحثها، حتى لا تصطدم أحكامنا بأحكام أهل العلم، وأن لا ندخل بسبب ذلك على الأحاديث الحسنة أحاديث لا تصح قد فرغ الأئمة من ردها.
♣ وجوب الرجوع إلى كتب علل الحديث المتخصصة، والبحث عن أقوال أهل العلم ليس أمراً للتقليد وقفل باب الاجتهاد، بل هو أخذ العلم من أهله ومعرفته من أربابه.
♣ لا يجوز الحكم على الكافر المعيَّن بأنه من أهل النار، إلا من مات على الكفر وعلمنا حاله قبل أن يموت مثل فرعون وهامان وأبي جهل وأمثالهم
مقالات السقيفة ذات صلة: |
عند الشيعة الرسول ذهب عقله كاد عقلة أن يطير علي رضي الله عنه يعطل حد اللواط في كتب الرافضة |
♣ من معتقد أهل السنة والجماعة أنّه لا يُلعَن إلا من استحق اللعنة بنصٍّ من كتاب أو سنة.
♣ لا يعني التوقف في الحكم والتعيين على الكافر الميت بأنه من أهل النار أنه ليس بكافر، بل كل من دان بدين غير الإسلام فهو كافر، أما التعيين في أحكام الثواب والعقاب فموكول إلى علم الله وحكمته.
♣ يجوز اللعن بوصف عام مثل: "لعنة الكافرين والظالمين والمبتدعة والفاسقين" لأن المراد الجنس لا الأفراد.
♣ لا يجوز لعن الكافر المعيَّن الحي أو الميت الذي لم يظهر من شواهد الحال أنه مات على الكفر أو الإسلام.
♣ تحريم لعن المسلم العاصي الفاسق أو الفاجر.
♣ عدم جواز لعن يزيد بن معاوية لأنه لم يثبت في حقه أنه كان مظهراً للفواحش كما ادعى المدّعون.
♣ لا يجوز نسبة المسلم إلى كبيرة من غير تحقيق، فالروايات التي ذكرناها لا يمكن الاعتماد على واحدة منها في اتهام يزيد بشرب الخمر وإباحة المدينة، فالأمر يتعلق بعدالة خليفة المسلمين، الذين كان فيهم العديد من أصحاب النبي ﷺ، فإذا كان التحري وعدالة الشهود أساسية في إدانة أي شخص، فما بالك في خليفة المسلمين في القرن المفضّل.
♣ عدم صحة إباحة المدينة، وأن انتهاك الأعراض لا أساس لها من الصحة، وتهدف إلى إظهار جيش الشام بأنه جيش بربري لا يستند لأسس دينية أو عقائدية أو أخلاقية.
♣ بل هذا الاتهام لا يقصد به الجيش الأموي فقط، بل يتعدى إلى ما هو أعظم وهو اتهام الجيش الإسلامي بأنه بربري، فإذا كانت مدينة المصطفى ﷺ لم تفلت من البطش والنهب وانتهاك الأعراض – كما جاءت بذلك الروايات – فما بالك بالبلدان التي افتتحتها الجيوش الإسلامية لنشر الإسلام.
♣ عدم إنكار معركة الحَرّة، ولكن ننكر التضخيم والتهويل والكذب، التي ذكرتها بعض المصادر التاريخية
مقالات السقيفة ذات صلة: |
هل قول ابن القيِّم في فناء النار صحيح؟ |
♣ على افتراض أنّ يزيد كان مظهراً للفواحش، فمن أين يُعلم أنه لم يتب قبل الممات؟
♣ في اللعن خطر جسيم، وقد يفضي بصاحبه إلى المهالك، بينما في السكوت النجاة.
♣ لا يجوز سبّ الأموات لأنهم أفضوا إلى ما قدموا، ولأن النبي ﷺ حينما سمع رجلاً شتم أبا جهل قال: «لا تسبوا الأموات فتؤذوا به الأحياء» – سلسلة الأحاديث الصحيحة (2379).
♣ لا يصح نسبة مقارفة يزيد للمسكرات وأنه ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويدع الصلوات، فوالله لو رُمِيَت هذه الأوصاف بمجنون لكان أولى ولصدّقناها، فكيف يُعقل من خليفة للمسلمين في القرن المفضّل – الذين كان فيهم أصحاب النبي ﷺ – أن تُنسب إليه هذه الأوصاف القبيحة، التي كان العربي الجاهلي يتعفف منها، ويتنزّه عنها؟ فكيف يمكن أن يقع يزيد في مثل هذه العظائم؟ ولِمَ لا يتزوج أجمل النساء وأفضلهن جاهاً ومكانة ونسباً، ويعمد إلى الزنا بأمه وأخته وبناته؟! فلا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم!
♣ الرواية التي نُسبت للإمام أحمد بأنه يجوِّز لعن يزيد لا تصح، فهي منقطعة.
♣ لا يجوز لعن الكافر المعيّن، فمن باب أولى أن لا يُلعن الفاسق المعيّن.