من أكثر الشبهات التي يرددها الشيعة لإثبات ولادة مهديهم المزعوم ما يدّعون أنه اعتراف من علماء أهل السنة والجماعة بولادة محمد بن الحسن العسكري. ويستشهدون في ذلك بنقول مبتورة أو محرفة من كتب التاريخ والأنساب، أو ينسبون أقوالاً إلى علماء ليسوا من أهل السنة ابتداءً، وإنما كانوا رافضة أو متشيعين مثل سبط ابن الجوزي والكنجي، أو علماء ذكروا ولادته مقيدة بقولهم: على معتقد الرافضة، فأسقط الشيعة هذا القيد تدليسًا. والحقيقة أن أقوال المحققين من أئمة السنة كابن كثير وابن حجر جاءت صريحة في إبطال هذه الدعوى، وبيان أن اعتقاد وجود مهدي مولود مختفٍ في سرداب سامراء ليس من عقيدة أهل السنة في شيء، بل هو خرافة شيعية مرفوضة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرًا ما نجد هذه الشبهة في مواقع الرافضة، وهي أن من علماء أهل السنة من اعترف بولادة المهدي.

الجواب:

أما زعم الشيعة أن أهل السنة أثبتوا ولادة المهدي صاحب السرداب، فقد كان زعمهم على النحو الآتي:

إما أن يأتوا برافضة محسوبين على السنة مثل سبط ابن الجوزي والكنجي الذي يدعونه بالشافعي.

وإما أن يأتوا بعلماء سنة ذكروا ولادة المهدي، ولكنهم قيدوه بهذه العبارة: (على معتقد الرافضة).

فيدلس الرافضة ويتجاهلون هذا القيد.

ونبدأ بأدلتهم حول ذلك:

أولًا: سبط ابن الجوزي

قال الذهبي عنه:

«يأتي بمناكير الحكايات ولا أظنه ثقة، ثم إنه ترفض..

قال الشيخ محي الدين السوسي: لما بلغ جدي موت سبط ابن الجوزي قال: لا رحمه الله، كان رافضيًا».

ميزان الاعتدال 7/304

سير أعلام النبلاء 23/297

ثانيًا: الكنجي محمد بن يوسف الشافعي (توفي سنة 658 هـ)

ويظهر أنه رافضي أو مترفض، بدليل اعتراف الرافضي محمد بن أحمد القمي بأنه وجِد مقتولًا مبقورًا بطنه بسبب ميله إلى مذهب التشيع.

مئة منقبة من مناقب أمير المؤمنين ص8

قلت: بل لأنه أخذ خصلة الخيانة من الرافضة؛ فقد حكى أهل العلم عنه أنه كان عميلًا للتتار مقتديًا في ذلك بسلفه نصير الدين الطوسي.

 

قال ابن كثير من جملة قصص الحروب مع التتار :

«وقتلت العامة وسط الجامع شيخًا رافضيًا كان مصانعا للتتار على أموال الناس، يقال له الفخر محمد بن يوسف بن محمد الكنجي، كان خبيث الطوية مشرقيا ممالئا لهم على أموال المسلمين، قبحه الله.

وقتلوا جماعة مثله من المنافقين».

البداية والنهاية 13/221

ثم وجدت في كتاب اليقين لابن طاووس (ص115) ما يؤكد ترفضه وأكاذيبه، حيث نقل بعض تبويبات كتابه كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب مثل: أن النبي سماه سيد المسلمين ووصي رسول رب العالمين، وأن جبريل سماه أمير المؤمنين.

ونقل ابن طاووس عنه أنه كان يعتقد بأن محمد بن الحسن العسكري هو الإمام المهدي المنتظر.

الصراط المستقيم لابن طاووس 2/219

كما وجدت الشيعة يعترفون بأن له كتابًا اسمه: البيان في أخبار صاحب الزمان، يعني بذلك المهدي.

الغيبة للنعماني ص10

وهذا كله يدل على تشيعه وترفضه، فلا نعرف شافعيًا يؤمن بصاحب السرداب.

لكن الرافضة يستغلون لفظ (الشافعي) تلبيسًا وخداعًا لأبناء السنة.

إذن، هذا قول ابن كثير فيمن زعموا أنه شافعي، والشافعي بريء من الرافضة الخونة.

فانظر كيف وصفه ابن كثير:

«كان خبيث الطوية مشرقيا ممالئا لهم على أموال المسلمين، قبحه الله، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين».

البداية والنهاية 13/221

ثالثًا: ابن حجر الهيتمي

أن ابن حجر كان يسوق في كتابه الصواعق المحرقة ما يقال: من أن الحسن العسكري سُم ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة.

لاحظ أن (أبي) متعلقة بـ (ولده) التي هي مضاف إليه، ولو كانت الجملة الاسمية مبتدأ لحق أن تبدأ بالرفع: (أبو القاسم).

غير أن ابن حجر عقّب على ذلك بقوله إنه قد استوفى الكلام على هذا المهدي سابقًا، وأحال من يريد التفصيل إلى ما كتبه هناك.

فقال: فارجع إليه فإنه مهم.

وقد عدت إليه فوجدته يطعن في الشيعة لاعتقادهم بأنه مولود، وأنه كان إمامًا عندما كان عمره خمس سنوات.

وينقل عن السبكي القول بأن جمهور الرافضة على أن الحسن العسكري لا عقب له، ولم يثبت له ولد.

وأن الرافضة تنازعوا في هذا المهدي المزعوم على عشرين فرقة.

وقال: المقرر في الشريعة أن الصغير لا تصح ولايته، فكيف ساغ لهؤلاء الحمقى أن يزعموا إمامة من عمره خمس سنين؟

ثم أوضح أنهم صاروا بذلك ضحكة لأولي الألباب، ولقد أحسن القائل:

ما آن للسرداب أن يلد الذي *** كلمتموه بجهلكم ما آنا

فعلى عقولكم العفاء فإنكم *** ثلثتم العنقاء والغيلانا

ثم بيّن أنهم زعموا وجوده واختفاءه، وأن آخرين من الشيعة كذبوا هذا القول وقالوا: لا وجود له أصلًا.

رابعًا: علي بن محمد بن الصباغ المالكي

منسوب إلى الرفض كما بيّن صاحب كشف الظنون 2/1721 بسبب كتابه الفصول المهمة في معرفة الأئمة.

خامسًا: ابن خلكان

قال: «وفيها توفي أبو محمد العلوي العسكري، وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب سامراء».

وفيات الأعيان 7/274

فأين اعترف ابن خلكان بمهديكم يا رافضة؟