من أكثر الشبهات التي يرددها الشيعة عبر كتبهم ومنابرهم دعوى أن كبار علماء أهل السنة والجماعة مثل الإمام شمس الدين الذهبي والفخر الرازي قد اعترفوا بولادة مهديهم المزعوم محمد بن الحسن العسكري. ويستندون في ذلك إلى نصوص مبتورة من كتب الذهبي، أو إلى كتاب منسوب زورًا للفخر الرازي هو الشجرة المباركة في الأنساب الطالبية، مع أن المحققين أثبتوا أن نسبته إليه باطلة. والحقيقة أن الذهبي في أكثر من موضع صرح بأن القول بدخول مهدي الشيعة السرداب ضرب من الخيال و«هوس بيّن»، بل كان يتعجب من هذه العقيدة ويدعو الله أن يثبت عقول المسلمين من الضلال. أما الكتاب المنسوب للفخر الرازي فاعترف العلماء بأنه ظهر في بيئة شيعية في النجف ولم يثبت نسبه إليه قط. وهذا يوضح بجلاء أن دعوى الشيعة باطلة، وأن علماء السنة لم يثبتوا قط ولادة هذا المهدي الغائب.

شمس الدين الذهبي:

وله عدة أقوال فيه:

قال: «وفيها الحسن بن علي الجواد..

أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة فيهم العصمة، وهو والد المنتظر محمد صاحب السرداب».

العبر في خبر من غبر 1/373

وقال: «وفيها محمد بن الحسن العسكري..

أبو القاسم الذي تلقبه الرافضة:

 الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي، وبالمنتظر، وتلقبه بصاحب الزمان، وهو خاتمة الاثني عشر، وضلال الرافضة ما عليه مزيد، فإنهم يزعمون أنه دخل السرداب الذي بسامراء فاختفى إلى الآن، وكان عمره لما عُدم تسع سنين أو دونها».

العبر 1/381

وقال عن المنتظر:

«الشريف أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب العلوي الحسيني خاتمة الاثني عشر سيدًا الذين تدعي الإمامية عصمتهم، ولا عصمة إلا لنبي.

ومحمد هذا هو الذي يزعمون أنه الخلف الحجة، وأنه صاحب الزمان، وأنه صاحب السرداب بسامراء، وأنه حي لا يموت حتى يخرج فيملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا.

فوددنا ذلك والله، وهم في انتظاره من أربعمائة وسبعين سنة، ومن أحالك على غائب لم ينصفك، فكيف بمن أحال على مستحيل؟ والإنصاف عزيز.

فنعوذ بالله من الجهل والهوى».

ثم قال:

«أما محمد بن الحسن هذا، فنقل أبو محمد بن حزم أن الحسن مات عقبًا، وقال: ثبت جمهور الرافضة على أن للحسن ابنًا أخفاه.

وقيل: بل ولد له بعد موته من أمه عدا نرجس أو سوسن، والأظهر عندهم أنها صقيل.

وادعت الحمل بعد سيدها، فأوقف ميراثه لذلك سبع سنين، ونازعها في ذلك أخوه جعفر بن علي، فتعصب لها جماعة، وله آخرون، ثم انفشّ ذلك الحمل وبطل، فأخذ ميراث الحسن أخوه جعفر وأخ له.

وكان موت الحسن سنة ستين ومئتين».

وقال:

«زادت فتنة الرافضة بصقيل وبدعواها، إلى أن حبسها المعتضد بعد نيف وعشرين سنة من موت سيدها، وجعلت في قصره إلى أن ماتت في دولة المقتدر».

وقال:

«ويزعمون أن محمدًا دخل سردابًا في بيت أبيه وأمه تنظر إليه، فلم يخرج إلى الساعة منه، وكان ابن تسع سنين أو دون ذلك».

وقال ابن خلكان:

«وقيل: بل دخل وله سبع عشرة سنة في سنة خمس وسبعين ومئتين، وقيل: بل في سنة خمس وستين، وأنه حي».

ثم عقّب الذهبي:

«نعوذ بالله من زوال العقل.

فلو فرضنا وقوع ذلك في سالف الدهر، فمن الذي رآه؟ ومن الذي نعتمد عليه في أخباره بحياته؟ ومن الذي نصّ لنا على عصمته وأنه يعلم كل شيء؟ هذا هوس بيّن، إن سلطناه على العقول ضلت وتحيرت، بل جوزت كل باطل.

أعاذنا الله وإياكم من الاحتجاج بالمحال والكذب، أو رد الحق الصحيح كما هو ديدن الإمامية».

وممن قال إن الحسن العسكري لم يُعقِب:

 محمد بن جرير الطبري.

 يحيى بن صاعد.

 وناهيك بهما معرفة وثقة.

اعتراف بعض علماء أهل السنة بولادة المهدي؟

قال الذهبي في تاريخ الإسلام (5/112) في معرض كلامه عن الحسن العسكري:

«وهو والد منتظر الرافضة، توفي إلى رضوان الله بسامراء...

وأما ابنه محمد بن الحسن الذي يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة، فولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ست وخمسين.

عاش بعد أبيه سنتين ثم عُدم، ولم يُعلم كيف مات.

وأمه أم ولد.

وهم يدّعون بقاءه في السرداب من أربعمائة وخمسين سنة، وأنه صاحب الزمان، وأنه حيّ يعلم علم الأولين والآخرين، ويعترفون أن أحداً لم يره أبداً.

فنسأل الله أن يثبت علينا عقولنا وإيماننا».

انتهى.

فزعم الكوراني أن هذا النص من الذهبي يدل على إيمانه بولادة المهدي، لأنه قال: (وُلد سنة..).

لكن كتاب تاريخ الإسلام متأخر عما سبقه من كتب الذهبي التي نفى فيها ولادة المهدي.

وهذا خلط وتلبيس وكذب.

فإننا لا نحتاج أن نبحث عن المتقدم أو المتأخر، لأن النص لا يصرح أبداً باعتقاد الذهبي بولادة المهدي.

بل نحن لا نزال نرى من الذهبي التهكم بهذه العقيدة، كقوله: «فنسأل الله أن يثبت علينا عقولنا وإيماننا».

وقد حكى اعتراف الرافضة بأن «أحداً لم يره أبداً».

فكيف يكون الذهبي معترفاً بولادته؟

غاية ما عند المبطل المدلِّس أن الذهبي لم يقل: (وُلد على زعم الرافضة).

وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على العجز والافتقار إلى أدنى قشة.

نعم، لو أنه صرّح بأنه يعتقد بولادته لحقّ لهم أن يُشكلوا علينا، لكن الذهبي كلما ذكر مهدي الرافضة قال: «نسأل الله أن يثبت علينا عقولنا وإيماننا».

وهذا يدل على أن الاعتقاد بمثل هذا المهدي ليس من إيمان الذهبي في شيء.

كما أن الذهبي لم يُفرد لمحمد بن الحسن العسكري ترجمة تبتدئ من ولادته، وإنما تكلّم عن المهدي أثناء ترجمته للحسن العسكري.

هل الفخر الرازي يقول بولادة المهدي؟

قول العالم الفخر الرازي في كتاب الشجرة المباركة في الأنساب الطالبية:

أولاد الإمام العسكري عليه السلام

أما الحسن بن العسكري الإمام، فله ابنان وبنتان.

فأما الابنان، فأحدهما صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، والثاني موسى درج في حياة أبيه.

وأما البنتان، فاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً.

الجواب:

مما يتشبث به الشيعة في إثبات ولادة مهديهم هو كتاب الشجرة المباركة في الأنساب الطالبية المنسوب كذباً إلى الإمام الرازي رحمه الله.

ومن اعتراف المحقق نفسه أن هذا الكتاب لم يذكره أحد للرازي، بل اعترفوا أن النسخة وجدها العلامة الشيعي المرعشي! (دين ينصر نفسه بالكذب والتزوير).

والكتاب طُبع في النجف.