البسملة، بلفظها الكامل: بسم الله الرحمن الرحيم، تمثل مفتاح الدخول إلى سور القرآن الكريم، وتُعدّ من المواضيع المهمة التي تباينت فيها آراء القرّاء والفقهاء وعلماء الأصول. فبينما اتفقت الأمة على قراءتها في بداية الفاتحة واختُلف في غيرها، اختلفت المذاهب والقراءات في اعتبارها آية من كل سورة أو من بعض السور، أو ليست بآية إلا في موضعها في سورة النمل. كما تنوعت أوجه الأداء بين السور، وأحكام البدء والوقف والسكت، وأثر ذلك في التلاوة والتجويد. ويزداد الموضوع دقة عند تناول السور التي لا تبدأ بالبسملة، كسورة براءة، أو عند الوصل بين سور متتالية أو غير مرتبة في المصحف. في هذا المقال، نسلط الضوء على تفاصيل أحكام البسملة في القراءات العشر المتواترة، ونوضح أقوال العلماء حول كونها آية من القرآن، مع ذكر الأوجه الجائزة بين السور، مستندين إلى أقوال كبار المحققين كابن الجزري، والشاطبي، والشنقيطي وغيرهم، لنخلص إلى بيان شامل حول هذه المسألة الخلافية.

أجمع القراء العشرة على الإتيان بالبسملة عند الابتداء بأول كل سورة، سواء كان الابتداء عن قطع أم عن وقف، والمراد بالقطع ترك القراءة رأسا والانتقال منها لأمر آخر. والمراد بالوقف قطع الصوت على آخر السورة السابقة مع التنفس ومع نية استئناف القراءة لأنه بوقفه على آخر السورة السابقة وقطع صوته على آخر كلمة فيها مع التنفس يعتبر مبتدئا للسورة اللاحقة وإن كان مريدا استئناف القراءة فلابد حينئذ من البسملة لجميع القراء، وهذا الحكم عام في كل سورة من سور القرآن إلا براءة فلا خلاف بينهم في ترك البسملة عند الابتداء بها. واختلفوا في حكم الإتيان بها؛ فذهب ابن حجر والخطيب إلى أن البسملة تحرم في أولها وتكره في أثنائها.

من مختارات السقيفة:

¨   تغلغل المجوسية في التشيع (الغلو في سلمان وتقديس رموز الفرس)

¨   القرامطة وخياناتهم عبر التاريخ

¨   لماذا لم أتشيع؟| موقف الحسين رضي الله عنه من غدر الشيعة

¨   عجائب وغرائب من روايات الشيعة

¨   شبهة أن ابن عمر كان يقول في الآذان حي على خير العمل

¨   موقف عمر سهم أهل البيت من الخمس 

وذهب الرملي ومشايعوه إلى أنها تكره في أولها وتسن في أثنائها كما تسن في أثناء غيرها.

وأما الابتداء بأواسط السور فيجوز لكل منهم الإتيان بالبسملة وتركها، لا فرق في ذلك بين براءة وغيرها واستثنى بعضهم وسط براءة فألحقه بأولها في عدم جواز الإتيان بالبسملة لأحد من القراء، وذهب بعضهم إلى أن البسملة لا تجوز في أوساط السور إلا لمن مذهبه الفصل بها بين السورتين. وأما من مذهبه السكت أو الوصل بين السورتين فلا يجوز له الإتيان بالبسملة في أواسط السور. وعلى هذا المذهب تكون أوساط السور تابعة لأولها. فمن بسمل في أولها بسمل في أثنائها، ومن تركها في أولها تركها في أوساطها؛ والمراد بأوساط السور ما بعد أوائلها ولو بآية أو بكلمة.

وأما حكم ما بين كل سورتين فاختلف القراء العشرة فيه؛ فذهب قالون وابن كثير وعاصم والكسائي وأبو جعفر إلى الفصل بالبسملة بين كل سورتين، وذهب حمزة وخلف إلى وصل آخر السورة بأول ما بعدها من غير بسملة، وروي عن كل من ورش وأبى عمرو وابن عامر ويعقوب ثلاثة أوجه البسملة، والسكت، والوصل: والمراد بالسكت الوقف على آخر السابقة وقفة لطيفة من غير تنفس قدر سكت حمزة على الهمز. والمراد بالوصل وصل آخر السورة بأول تاليتها، ولا بسملة مع السكت ولا مع الوصل، وهذا الحكم عام بين كل سورتين سواء أكانتا مرتبتين كآخر البقرة وأول آل عمران، أم غير مرتبتين كآخر الأعراف مع أول يوسف لكن يشترط أن تكون الثانية بعد الأولى في ترتيب القرآن والتلاوة كما مثلنا. فان كانت قبلها فيما ذكر كأن وصل آخر الرعد بأول يونس تعين الإتيان بالبسملة لجميع القراء ولا يجوز السكت ولا الوصل لأحد منهم. كذلك لو وصل آخر السورة بأولها كأن كرر سورة من السور فان البسملة تكون متعينة حينئذ للجميع، كذلك تتعين البسملة للكل لو وصل آخر الناس بأول الفاتحة.

هذا وبعض أهل الأداء اختار الفصل بالبسملة بين المدثر والقيامة، وبين الانفطار والتطفيف وبين الفجر والبلد، وبين العصر والهمزة لمن روي عنه السكت في غيرها. وهم ورش والبصريان والشامي. واختار السكت بين ما ذكر لمن روي عنه الوصل في غيرها وهم المذكورون وخلف وحمزة. وذهبت طائفة إلى إبقاء الساكت على أصله واختيار السكت فيهن للواصل في غيرهن، وعدم جواز وصل البسملة بأول السورة بالنسبة للمبسمل. والذي ذهب إليه المحققون من العلماء عدم التفرقة بين هذه السور وبين غيرها، وهو الصحيح المختار الذي عليه العمل. وعلى التفرقة يكون لهذه السور مع غيرها حالتان: الأولى لو قرأت من آخر المزمل إلى أول القيامة فالمبسمل بين كل سورتين على حاله بأوجه البسملة الثلاثة، والساكت بين المزمل والمدثر له بين المدثر والقيامة السكت والبسملة بأوجهها الثلاثة، والواصل بين المزمل والمدثر له بين المدثر والقيامة الوصل والسكت فتكون الأوجه تسعة. الحالة الثانية لو قرأت من آخر المدثر إلى أول الإنسان فالمبسمل بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان البسملة بأوجهها الثلاثة، وفي الاختيار يزيد السكت بلا بسملة على كل وجه منها بين القيامة والإنسان، والساكت بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان السكت والوصل. والواصل بين المدثر والقيامة له بين القيامة والإنسان الوصل فقط فتكون الأوجه تسعة أيضا.

(فائدة) يجوز لكل من فصل بين السورتين بالبسملة ثلاثة أوجه:

الأول: الوقف على آخر السورة وعلى البسملة.

الثاني: الوقف على آخر السورة ووصل البسملة بأول التالية.

الثالث: وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة بأول التالية.

 أما الوجه الرابع: وهو وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها فهو ممتنع للجميع. وعلى هذا يكون لقالون ومن معه هذه الأوجه الثلاثة بين كل سورتين ويكون لورش والبصريين والشامي بين كل سورتين خمسة أوجه: ثلاثة البسملة والسكت والوصل، أما خلف وحمزة فليس لهما بين السورتين إلا وجه واحد وهو الوصل.

(تتمة) لكل من القراء العشرة حتى حمزة وخلف بين الأنفال والتوبة ثلاثة أوجه:

(الأول) الوقف وقد يعبر عنه بالقطع، وهو الوقف على آخر الأنفال مع التنفس. الثاني: السكت وهو الوقف على آخر الأنفال من غير تنفس.

 الثالث: وصل آخر الأنفال بأول التوبة، وكلها من غير بسملة، وهذه الأوجه الثلاثة جائزة بين التوبة وبين أي سورة بشرط أن تكون هذه السورة قبل التوبة في التلاوة فلو وصلت آخر الأنعام مثلا بأول التوبة جازت هذه الأوجه الثلاثة لجميع القراء.

 أما إذا كانت هذه السورة بعد التوبة في التلاوة كأن وصلت آخر سورة النور بأول التوبة فلم أجد من أئمة القراءة من نص على الحكم في هذا. ويظهر لي - والله أعلم - أنه يتعين الوقف حينئذ ويمتنع السكت والوصل، والله تعالى أعلم. كذلك يتعين الوقف ويمتنع السكت والوصل إذا وصلت آخر التوبة بأولها.

البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة لعبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي جزء 1 صفحة 13

البسملة، هل هي آية من أول كل سورة، أو ليست آية

قال الامام الشنقيطي:

" اختلف العلماء في البسملة، هل هي آية من أول كل سورة، أو من الفاتحة فقط، أو ليست آية مطلقاً. أما قوله في سورة النمل ﴿انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم﴾ فهي آية من القرآن اجماعاً.

وأما سورة براءة فليست البسملة آية منها اجماعاً، واختلف فيما سوى هذا، فذكر بعض أهلا الاصول أن البسملة ليست من القرآن وقال قوم هي منه في الفاتحة فقط، وقيل هي آية من أول كل سورة وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى.

قال مقيده عفا الله عنه:

ومن أحسن ما قيل في ذلك، الجمع بين الأقوال، بأن البسملة في بعض القراءات كقراءة ابن كثير آية من القرآن وفي بعض القرآن ليست آية، ولا غرابة في هذا فقوله في سورة الحديد ﴿فان الله هو الغني الحميد لفظة (هو) من القرآن في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وليست من القرآن، في قراءة نافع وابن عامر لأنهما قرءا ﴿فان الله الغني الحميد﴾ وبعض المصاحف فيه لفظة (هو) وبعضها ليست فيه وقوله ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله فان الله واسع عليم. ﴿وقالوا اتخذ الله ولداً الآية فالواو من قوله (وقالوا) في هذه الآية من القرآن، على قراءة السبعة غير ابن عامر، وهي في قراءة ابن عامر ليست من القرآن لأنه قرأ ﴿قالوا اتخذ الله ولداً﴾ بغير واو وهي محذوفة في مصحف أهل الشام، وقس على هذا وبه تعرف أنه لا اشكال في كون البسملة آية في بعض الحروف دون بعض، وبذلك تتفق أقوال العلماء"

مذكرة في اصول الفقه محمد المختار بن محمد الامين الشنقيطي ص 66

فخلاصة الكلام:

أن البسملة في بعض القراءات ثابتة، وفي بعضها غير ثابتة، وهذا الخلاف لا يترتب عليه اي طعن في القران الكريم، وذلك لان المصاحف التي كتبها الصحابة الكرام في عهد عثمان رضي الله عنها وبعثوا بها الى الامصار قد وضعوا فيها ما اخذوه من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام ان هذا القران انزل على سبعة أحرف.