التقية بمعناها الذي يتبناه الفكر الشيعي، والمبني على جواز الكذب وكتمان الحق بل والدعوة إلى الباطل بحجة الخوف أو المصلحة، من القضايا التي تتعارض مع النصوص القطعية في القرآن والسنة. وقد استدلوا على مشروعيتها بآيات وأحاديث لا تدل على ذلك بحال، وإنما غاية ما فيها الإشارة إلى جواز المعاريض أو التورية في حالات خاصة، مع بقاء الأصل في وجوب الصدق والوضوح في الدين. إن الإيمان الحق يقوم على الثبات على الحق، ورفض الخيانة والكذب، حتى لو أدى ذلك إلى التضحية بالنفس، كما فعل بلال وآل ياسر وأصحاب الأخدود وغيرهم من أبطال الحق في التاريخ الإسلامي
من مقالات السقيفة:
نقد التشيع في "كشف أسرار ألف عام" لعلي أكبر حكمي زاده
استدلالهم على جواز التقية:
من الآيات القرآنية والأحاديث والروايات عند الخوف على النفس ليس الا اضحوكة يضحك منها العقلاء.
اولاً: ان الاستدلال بالآيات:
مثل قوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
وقوله: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: 88-89].
وقوله: ﴿وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ [يوسف: 58].
وقوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [آل عمران: 28].
وغير ذلك من الاستدلال بالآيات والروايات مثل قصة ابي جندل وابي ذر وعمار وغيرها... هذا ليس الا استدلال باطل، لان الآيات والروايات المروية في هذا الشأن لا تدل مطلقا على جواز الكذب والتقية والاصرار عليه، بل الآيات والأحاديث تدل دلالة صريحة على ان الكذب والتقية الشيعية في الدين لا يجوز بحال من الاحوال.
مثل:
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67].
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: 39].
وقوله: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: 94].
وقوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 146].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ [المائدة: 54].
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119].
وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 70].
ثانيا: الاستدلال بالأحاديث النبوية:
وقوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصدق). رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم: (كبرت خيانة أن تحدث اخاك حديثاً فهو لك به مصدق، وانت به كاذب). رواه ابو داوود
وقال الامام علي:
الايمان ان تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك. نهج البلاغة
وقال: لا يجد عبد طعم الايمان حتى يترك الكذب هزله وجده. الاصول من الكافي باب الكذب.
اما الآيات التي استدلوا بها، فان دلت على شئ، فانما تدل على جواز التورية، كما في قصة ابراهيم عليه السلام انه قال: اني سقيم يعني به: سقيم من عملكم.
وليس معنى قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النحل: 106] ان يعلم الناس الكفر ويفتيهم بالحرام ويحرضهم على خلاف الحق بل كل ما فيه انه لو اضطر وأجبر على القول بالكفر، فله ان يتقول به من غير ان يعتقد ويعمل به (وذكر الخازن في تفسيره تحت هذه الآية: اجمعوا على من اكره على الكفر لا يجوز له ان يتلفظ بكلمة الكفر تصريحا بل يأتي بالمعاريض وبما يوهم انه كفر فلو اكره على التصريح يباح له ذلك بشرط طمأنينة القلب على الايمان غير معتقد ما يقوله من كلمة الكفر ولو صبر حتى قتل كان افضل لأمر ياسر او سمية قتلا ولم يتلفظا بكلمة الكفر ولان بلالا صبر على العذاب ولم يلم على ذلك)
تفسير خازن ج 3 ص 136
واما قوله تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء﴾ فليس فيه مسالة التقية مطلقاً.
وهكذا في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ لان معناه ان لا يبخل المسلمون بشئ حتى ينجروا به الى الهلاك وبهذا فسّره علماء الشيعة.
واما قصة ابي جندل وابي ذر وابي بكر حين قال سألوه الكفار من هذا الرجل قال رجل يهديني السبيل. فلا علاقة له بالتقية اما كان الرسول يهديه سبيل الخير، سبيل الجنة؟
وذكر الله قصة اصحاب الاخدود وذكر قصة امرأة فرعون التي احرقوا ابنائها واحداً تلو الاخر امامها وهي صابره حتى ألقوها بالزيت واحترقت معهم فمدحهم الله واثنا عليهم وانزل فيهم ايات تتلى الى يوم القيامة.