من الشبهات التي يوردها بعض الخصوم على أهل السنة، حديث منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: «أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى».
ويزعمون أن هذا الحديث دليل على تفضيل الشيخين بنفس المنزلة التي احتج بها الشيعة في حديث علي رضي الله عنه. لكن التحقيق العلمي يثبت أن هذه الرواية باطلة الإسناد لا تصح بحال، وأن علماء الحديث قد بينوا نكارتها وحكموا عليها بالوضع أو الشدة في الضعف. وأهل السنة – بخلاف الرافضة – لا يتعصبون لروايات لا تثبت، بل يلتزمون بالمنهج العلمي في النقد والتمحيص، فلا يقبلون إلا ما صح سنده وعدلت رجاله.
أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر ثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ثنا بشر بن دحية ثنا قزعة بن سويد عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن النبي صلى االله عليه وسلم قال:
«أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى».
رواه الحافظ ابن عساكر في (تاريخ دمشق٦٠/٣٠)
قلت: هذا حديث باطل. ولو كنا نتعصب للشيخين لقلنا بصحة الرواية. وقد طعن ابن الجوزي في سندها كما في (العلل المتناهية١٩٩/١) و(ميزان الاعتدال٤٧٣/٥) وكذلك فعل الحافظ ابن حجر.
مقالات السقيفة ذات صلة:
قول علي رضي الله عنه في اهل الجمل وصفين
خلاف علي وأهل الشام وتبرأ علي من قتل عثمان
شبهة أن ابن الزبير يتكلم مئة لغة
قال ابن الجوزي:
«هذا حديث لا يصح، والمتهم به الشاعر.
وقد قال أبو حاتم الرازي:
لا يحـتج بقزعة بن سويد. وقال أحمد: هو مضطرب الحديث.
قلت: قال البخاري عنه «ليس هو بذاك القوي» (التاريخ الكبير١٩٢/٧).
ولا يعارضه قول أبي زرعة «صدوق» (الجرح والتعديل٢٣/٦).
فإن محله الصدق لكن الكلام على ضبطه. كما أن ضعف المؤمن لا ينفي إيمانه. وقد أورد في نفس الكتاب قول يحيى بن معين عنه «ضعيف» وقول أحمد بن حنبل «ليس بذاك القوى محله الصدق وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به»
(الجرح) - 139/7 والتعديل ونقل الحافظ عن الذهبي أن أبا الأشعث تفرد بهذه الرواية عن قزعة (تعجيل المنفعة ص204).
قال السكندري في تنقيح الروض الأنيق:
«وهذا حديث منكر. ولكن لا يتجه اتهام أبي القاسم الشاعر بهذا الحديث، فقد رواه غير واحد عن قزعة، وهو المتهم به، والشاعر برئ من عهدته. وهذا أيضا من السيوطي تقصير متعمد لتعمية حال الحديث وتمشيته مع وضوح نكارته، إذ عزاه إلى الخطيب مع تخريج من هو أقدم منه له في أشهر كتب الضعفاء وهو الحافظ أبو أحمد بن عدي» (تنقيح الروض الأنيق مما وضع في فضل الصديق» ص١٩).
قلت: وهو يعني إيراد السيوطي له في بداية كتابه (الروض الأنيق في فضل الصديق). والحديث الرابع عشر من الكتاب.