اكذوبة التفريق بين السنة والوهابية
كثيرًا ما يسعى الرافضة إلى تشويه صورة الدعوة السلفية، وصرف الأنظار عن حقيقة معتقداتهم، عبر اختلاق الفوارق بين ما يسمونه "الوهابية" وأهل السنة والجماعة، في محاولة للتفرقة وإيهام الناس أن خلافهم مع تيار محدد، لا مع الإسلام الصحيح.
والحقيقة أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ليست مذهبًا مبتدعًا ولا فكرًا خارجًا عن جماعة المسلمين، بل هي امتداد صادق لمنهج السلف الصالح في التوحيد واتباع الكتاب والسنة بفهم سليم.
وفي هذا المقال نعرض بالأدلة والنصوص الموثقة عقيدة ومنهج الشيخ، ونقارنها بأقوال الأئمة المتقدمين، ليتضح للقارئ المنصف أن ما يسميه خصوم الدعوة بـ"الوهابية" ما هو إلا الإسلام الصافي الذي دعا إليه الرسول ﷺ وسار عليه الصحابة والتابعون.
دائما ما يحاول الرافضة التلبيس على الناس، وصرفهم عن حقيقة الرفض، وما يتعلق به، ومن الاشياء التي يلبس بها الرافضة على الناس قولهم ان خلافهم مع الوهابية، وليس مع اهل السنة، وكثيرا ما سمعت هذا الادعاء من الرافضة.
يجب أن نعلم جميعا ان اطلاق اي اسم على جماعة من الجماعات الاسلامية، فانه لا يؤثر سلبا، او ايجابا على هذه الجماعة الا بعد ان نعرف اطروحاتها، وموافقتها للشرع، او مخالفتها، فبعد ان نعرف منهج هذه الجماعة، والاسس التي بنت عليه عملها، فننظر ان كانت موافقة للشرع فيجب ان نبارك عملهم، ونحث الناس على سلوك منهجهم، وان كانت مخالفة للشرع، فيجب علينا مناصحتهم، وتبيين اخطائهم بالحجة، والبيان، والبرهان، فان اخذوا بالحق وعادوا الى الجادة، ففي هذا خير لهم، ولغيرهم، وان اصروا على المخالفات الشرعية، فيجب الابتعاد عنهم، والتحذير من باطلهم.
من مواضيع السقيفة:
رواية الشاب الأمرد في كتب الشيعة
الرد على منكري نفي رؤية الله سبحانه وتعالى
كشف افتراءات الرافضة التفريق بين السنة والوهابية
إن منهج واسس دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، تُعرف من خلال اطروحته هو، وما صرح به من معتقد، ولا يصح الرجوع الى مخالفيه، ومناوئيه للحكم عليه، فان هذا من الظلم، والبعد عن الانصاف.
والمقام هنا لا يتسع لمناقشة موضوع التسمية بالوهابية هل هو امر مشروع، ام انه محظور، ولكني اكتفي بما قاله علامة العراق السيد ابو المعالي محمود شكري الالوسي في ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
حيث قال:
" الشيخ محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن احمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن بعضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علي بن وهيب التميمي النجدي صاحب الدعوة المشهورة.
وخصومهم يسمون اتباعه (الوهابية) وهذه النسبة ليست بصحيحة والنسبة في الحقيقة انما هي الى الشيخ محمد لانه هو الذي دعا الناس الى ترك ما كانوا عليه من البدع والاهواء، ونصر السنة، وأمر باتباعها"
تاريخ نجد – السيد ابو المعالي محمود شكري الالوسي – ص 106
ان عقيدة، ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هي عقيدة، ودعوة اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم، فهي عقيدة، ودعوة اسلامية واضحة تدعو الى الكتاب الكريم، والسنة النبوية المطهرة بفهم صحيح، ولاثبات ما اقول سوف انقل من كلام الشيخ محمد رحمه الله عقيدته، ومنهجه، حتى يتبين للقاريء الكريم ان ما قلته مبني على الدليل، والبرهان لا مجرد ادعاء من غير دليل، وسوف اذكر بعد كلام الامام ابن عبد الوهاب كلام من سبقه من اهل العلم المعتبرين في العقيدة، والمنهج، وارجو من القاريء الكريم ان يقارن بين كلام الامام محمد بن عبد الوهاب، وبين كلام من تقدمه من اهل العلم، ويقارن بنفسه، ويحكم على ابن عبد الوهاب رحمه الله هل جاء بشيء جديد، ام انه على سيرة من تقدمه من اهل العلم المعتبرين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ المائدة 8
قال الامام محمد بن عبد الوهاب في رده على الشيعة:
ومنها: زيادتهم في هذه الأزمنة في الأذان والإقامة وفي التشهد بعد الشهادتين أن علياً ولي الله وهذه بدعة مخالفة للدين لم يَرِدْ بها كتاب ولا سنة ولم يكن عليها إجماع ولا فيها قياس صحيح "
رسالة في الرد على الرافضة – محمد بن عبد الوهاب - ج 1 ص 32 – 33.
وقال رحمه الله: " وأنا أدعو من خالفني إلى أحد أربع: إما إلى كتاب الله، وإما إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإما إلى إجماع أهل العلم، فإن عاند دعوته إلى المباهلة كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض، وكما دعا إليها سفيان والأوزاعي في مسألة رفع اليدين وغيرهما من أهل العلم "
الرسائل الشخصية – محمد بن عبد الوهاب - ج 1 ص 161.
وقال ايضا: " ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم "
الرسائل الشخصية – محمد بن عبد الوهاب - ج 1 ص 150
وقال رحمه الله: " وأما ما صدر من سؤال الأنبياء والأولياء الشفاعة بعد موتهم وتعظيم قبورهم ببناء القباب عليها والسرج والصلاة عندها واتخاذها أعياداً وجعل السدنة والنذور لها فكل ذلك من حوادث الأمور التي أخبر بوقوعها النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منها كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان )) وهو صلى الله عليه وسلم حمى جناب التوحيد أعظم حماية وسد كل طريق يوصل إلى الشرك فنهى أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر، وثبت فيه أيضاً أنه بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمره أن لا يدع فبراً مشرفاً إلا سواه ولا تمثال إلا طمسه ولهذا قال غير واحد من العلماء يجب هدم القبب المبنية على القبور لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهذا هو الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس حتى آل بهم الأمر إلى أن كفرونا وقاتلونا واستحلوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم، وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه بعد ما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة "
الرسائل الشخصية – محمد بن عبد الوهاب - ج 1 ص 70
وخلاصة هذه النقولات ان ادلة الاحكام، ومصادر التشريع عند الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى
خلاصة هذه النقولات ان ادلة الاحكام ومصادر التشريع اربعة، وهي:
1- الكتاب العزيز.
2- السنة النبوية المطهرة.
3- اجماع اهل العلم المعتبرين.
4- القياس الصحيح.
والان سأنقل من كلام اهل العلم المعتبرين الذين سبقوا ابن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الموضوع.
قال الامام الشافعي:
" لم أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ الناس أو نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ في أَنْ فَرَضَ اللَّهُ عز وجل اتِّبَاعَ أَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالتَّسْلِيمَ لِحُكْمِهِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل لم يَجْعَلْ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ إلَّا اتِّبَاعَهُ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَوْلٌ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا بِكِتَابِ اللَّهِ أو سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَنَّ ما سِوَاهُمَا تَبَعٌ لَهُمَا "
الأم – محمد بن ادريس الشافعي - ج 7 ص 273
وقال في الرسالة: "وجهةُ العلم الخبرُ: في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس"
الرسالة – محمد بن ادريس الشافعي - ج 1 ص 34
قال الامام ابن عبد البر رحمه الله:
" 1403 - وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا الْمُزَنِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، «لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ وِجْهَةُ الْعِلْمِ مَا نُصَّ فِي الْكِتَابِ أَوْ فِي السُّنَّةِ، أَوْ فِي الْإِجْمَاعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ فَالْقِيَاسِ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا» قَالَ أَبُو عُمَرَ: " أَمَّا كِتَابُ اللَّهِ فَيُغْنِي عَنِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الأعراف: 3] وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ يَكْفِي فِيهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النساء: 59] وَقَوْلُهُ: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7] وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 115] الْآيَةَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ هَذَا الظَّاهِرُ " وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ» وَعِنْدِي أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ لَا يَجُوزُ خِلَافُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى جَمِيعِهِمْ جَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ جَمَاعَتَهُمْ إِذَا اجْتَمَعُوا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَدَلَائِلُ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرَةٌ لَيْسَ كِتَابُنَا هَذَا مَوْضِعًا لِتَقَصِّيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ "
جامع بيان العلم وفضله – أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر- ج 1 ص 759
وقال ايضا: "وَالْوَاجِبُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ طَلَبُ الدَّلِيلِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ "
جامع بيان العلم وفضله – أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر- ج 2 ص 902.