من الأحاديث التي أثيرت حولها الشبهات ما رواه الترمذي في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قام إلى زيد بن حارثة عريانًا يجر ثوبه. وقد استغل بعض الطاعنين هذا النص للطعن في مقام النبي ﷺ، متجاهلين أن الحديث ضعيف السند، لوجود محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن، إضافة إلى غرابة الرواية التي أشار إليها الإمام الترمذي نفسه. كما أن المحدث الألباني ضعفها في كتبه. وعليه فلا تقوم بها حجة، ولا يصح بناء تشنيع على نص لم يثبت. والمفارقة أن الشيعة الذين يطعنون في هذا الحديث قد رووا ما هو أشد منه وأشنع، بل صححوه في كتبهم، كالرواية التي زعموا فيها أن النبي ﷺ خرج يوم النحر على جمل عاري الجسم! ومن هنا فإن الرد العلمي يقتضي بيان ضعف الرواية أولاً، ثم الإشارة إلى التناقضات في مرويات الطاعنين، مع تقرير القاعدة عند أهل السنة أن الحديث الضعيف لا يحتج به في العقيدة ولا في الأحكام.

حدثنا محمد بن إسمعيل حدثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد المدني حدثني أبي يحيى بن محمد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: « قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث الزهري إلا من هذا الوجه».

رواه الترمذي في سننه (5/76)

وقال: « حديث حسن غريب من حديث الزهري لا نعرفه إلا من هذا الوجه». وأطلاق الترمذي على الحديث الغرابة إشارة منه إلى تضعيف الحديث.

مقالات السقيفة ذات صلة:

تفسير قوله: ﴿إِن...... يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ على منهج أهل السنة

شبهة: ثم استوى على العرش في قوله:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ")

التفسير الشيعي لآية ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾

تفسير قوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ بين الفهم ومنهج أهل السنة

وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعنه.

وقد ضعفه الألباني (ضعيف المشكاة4682 ومقدمة رياض الصالحين).

والحديث الضعيف لا تقوم به حجة عندنا ولا وجه للتشنيع به.

وقد روى الرافضة ما هو أشنع منها وصححوه.

فعن « مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عبد الله بْنِ غَالِبٍ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ e يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى ظَهْرِ الْمَدِينَةِ عَلَى جَمَلٍ عَارِي الْجِسْمِ فَمَرَّ بِالنِّسَاءِ فَوَقَفَ عَلَيْهِنَّ ثُمَّ قَالَ يَا مَعَاشِرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَ أَطِعْنَ أَزْوَاجَكُنَّ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ فِي النَّارِ فَلَمَّا سَمِعْنَ ذَلِكَ بَكَيْنَ ثُمَّ قَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي النَّارِ مَعَ الْكُفَّارِ وَاللَّهِ مَا نَحْنُ بِكُفَّارٍ فَنَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ e إِنَّكُنَّ كَافِرَاتٌ بِحَقِّ أَزْوَاجِكُنَّ»

(رواه المجلسي وصححه (مرآة العقول20/329).

وقد أضحك الناس على عقله من زعم أن العاري الجسم في الرواية هو الجمل. فهل من عادة الجمل أن يلبس العباءة والسروال حتى يوصف في الحديث بأنه كان كان عاري الجسم؟ أليس الأصل في البهائم عدم لبس الثياب؟

ومن بلغ به الحمق أن يؤول النص ليُحمل على المحمل الحسن فعليه أن يفعل الشيء نفسه في رواية الترمذي وليقل إن في رواية عائشة ما يفهم منه جواز رؤية الرجل أهله وبالعكس على هذه الحال، لا سيما وأن النص يفيد أنه كان يجر رداءه، وجر الرداء إنما يقصد منه التجهز لتغطية الجسد وإلا فما معنى جر الرداء في الرواية؟

 وليس في النص أنه وقف أمامه عريانا.

فكيف وأن الرواية ضعيفة أصلا. والضعيف لا تقوم به حجة عندنا؟