تُعَدّ الحدود الشرعية من أهم القضايا التي دار حولها الجدل بين المذاهب الإسلامية، إذ ارتبطت مباشرة بحفظ المجتمع وضبط السلوك. ومن بين هذه الحدود يبرز حد الزنا، الذي تباينت فيه الروايات الواردة عن أئمة الشيعة، خصوصًا ما نُقل عن الإمام جعفر الصادق، حيث نجد روايات متعارضة حول الجمع بين الجلد والرجم أو الاقتصار على أحدهما.
الرواية الأولى: ينكر فيها الصادق أن يجتمع الجلد والرجم في حد واحد، مؤكدًا أن النبي ﷺ لم يجمع بينهما، وأن ما نُسب لعلي من ذلك غير معروف
الروايات الأخرى: تثبت عن الصادق نفسه – وعن الباقر أيضًا – أن المحصن يجلد مائة ثم يُرجم، وأن الشيخ والشيخة يجلدان ثم يُرجمان، وهو ما رواه الطوسي والحلي والمجلسي والشهيد الثاني وغيرهم.
هذه التناقضات أثارت نقاشًا فقهيًا وفكريًا واسعًا، انعكس في كتب الشيعة كـ الكافي للكليني وتهذيب الأحكام للطوسي ومختلف الشيعة للحلي وغيرها.
الصادق يتناقض في حد الرجم:
قال الكليني:
" 5 - عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ولَمْ يَجْلِدْ وذَكَرُوا أَنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) رَجَمَ بِالْكُوفَةِ وجَلَدَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وقَالَ مَا نَعْرِفُ هَذَا أَيْ لَمْ يَحُدَّ رَجُلًا حَدَّيْنِ رَجْمٌ وضَرْبٌ فِي ذَنْبٍ وَاحِدٍ " اهـ
الكافي - الكليني - ج 7 ص 177، وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – موثق – ج 23 ص 267
مقالات السقيفة ذات صلة: |
عقيدة الشيعة في حساب العباد يوم القيامة |
وفي التهذيب: " (14) 14 - عنه عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمان بن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم والبكر والبكرة جلد مائة ونفى سنة " اهـ
تهذيب الأحكام - الطوسي - ج 10 ص 4 – 5
وقال الحلي: " وفي الصحيح عن الحلبي، عن الصادق - عليه السلام - الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم، والبكر والبكرة جلد مائة ونفي سنة " اهـ
مختلف الشيعة - الحلي - ج 9 ص 136
لقد انكر الامام الصادق وجود الرجم، والضرب سويا في حد واحد، ولكن مع هذا نراه ينقل هذا الحكم بنفسه، وينسبه الى علي رضي الله عنه!!!، قال محمد تقي المجلسي: " وروى الشيخ في الحسن كالصحيح، عن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام يضرب الشيخ والشيخة مائة ويرجمهما ويرجم المحصن والمحصنة ويجلد البكر والبكرة وينفيهما سنة " اهـ
روضة المتقين – محمد تقي المجلسي - ج 10 ص 17
وقال ايضا: " وروى الشيخ في الصحيح، عن الفضيل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من أقر على نفسه عند الإمام بحق حد من حدود الله مرة واحدة حرا كان أو عبدا أو حرة كانت أو أمة فعلى الإمام أن يقيم الحد عليه للذي أقر به على نفسه كائنا من كان إلا الزاني المحصن فإنه لا يرجمه حتى يشهد عليه أربعة شهداء فإذا شهدوا ضربه الحد مائة جلدة ثمَّ يرجمه " اهـ
روضة المتقين – محمد تقي المجلسي - ج 10 ص 216
قال الطوسي: " (12) 12 - الحسين بن سعيد عن فضالة عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: المحصن يجلد مائة ويرجم، ومن لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى، والتي قد أملكت ولم يدخل بها تجلد مائة وتنفى " اهـ
تهذيب الأحكام - الطوسي - ج 10 ص 4
وقال الطوسي: " (13) 13 - عنه عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن العلا عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم " اهـ
- تهذيب الأحكام - الطوسي - ج 10 - ص 4، وقال المجلسي عن الرواية في ملاذ الاخيار – صحيح – ج 16 ص 13
وقال الشهيد الثاني: " ومنه صحيحة محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (المحصن يجلد مائة ويرجم) " اهـ
- مسالك الأفهام - الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي - ج 14 - شرح ص 363
وفي التهذيب: " (16) 16 - محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المحصن والمحصنة جلد مائة ثم الرجم " اهـ
تهذيب الأحكام - الطوسي - ج 10 - ص 5، وقال المجلسي عن الرواية في ملاذ الاخيار – صحيح – ج 16 ص 14