لم يكتف علماء الشيعة الإمامية عبر القرون بالقدح في الصحابة الكرام، بل تجاوزوا إلى الطعن الصريح في أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين رضي الله عنهم أجمعين، بل وأمهات المؤمنين الطاهرات. ففي كتبهم المعتبرة كـ الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس، وحق اليقين وبحار الأنوار وحياة القلوب للمجلسي، نجد سبابًا واتهامات بالزندقة والكفر والزنا، حتى وصل الأمر إلى اختلاق روايات تزعم أن عائشة وحفصة قتلتا رسول الله ﷺ بالسم! هذه النصوص تكشف بجلاء أن العداء للصحابة أصل من أصول القوم، وليس اجتهادات فردية أو أخطاء عابرة، بل هو جزء من بنيانهم العقدي.

وأما ابن الطاؤس الحسني [هو علي بن موسى بن الطاؤس، ولد في الحلة سنة 589، ونشأ بها ثم أقام بغداد خمسة عشر عاماً في زمن العباسيين، ثم رجع إلى الحلة، وأخيراً عاد إلى بغداد باقتضاء المصالح في دولة مغول، وولع نقابة الطالبين بالعراق في ثلاث سنين وأحد عشر شهراً من قبل هولاكو في سنة 66 مع امتناعه الشديد عن ولاية النقابة في زمان (المستنصر)، وتوفي سنة 664 (مقدمة الكتاب نقلاً عن (البحار) 44/ 107). وقال التفرشي: إنه من أجلاء هذه الطائفة وثقاتها، جليل القدر) (نقد الرجال ص144)، وسمى المؤلف نفسه في هذا الكتاب بعبد المحمود تقية عن الخلفاء الذين كان في بلادهم (ص14)] الذي قبل النقابة من قبل هلاكو، قاتل المسلمين ومبيدهم، ولم يقبلها عن العباسيين، فقد أظهر حقده للصديق الأكبر رضي الله عنه بقوله: كيف استجازوا استخلاف أبي بكر، وتركوا العباس وعلياً وغيرهما من بني هاشم، وبنو هاشم أقرب إلى نبيهم من بني تيم وعدي .. فكيف صار الأقرب الأفضل أقل منزلة من الأبعد الأرذل) [(الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف) لابن طاؤس ص401 ط مطبعة الخيام قم 1400ه‍].

وأيضاً (أمر رسول الله علياً عليه السلام فنام على فراشه، وخشي من ابن أبي قحافة أن يدل القوم عليه فأخذه معه إلى الغار) [(الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف) ص410].

ويكتب في عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان قبل الإسلام نخاس الحمير، ويتقدم ويقول:

إن جدته الصهاك الحبشية ولدته من سفاح يعني من زنا، ثم يروون أن ولد الزنا لا ينجب، ثم مع هذا التناقض يدعون أنه أنجب، ويكذبون أنفسهم، ولو عقلوا لاستقبحوا أن يولوا خليفة، ثم شهدوا أنه ولد الزنا) [(الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف) ص468 469].

وانظر إلى تعبيره السيئ وعبارته الخبيثة.

(واختاروا عمر وهذه حاله على ما شهدوا به عليه، ثم انظر كيف كان خلاص عمر من حمل الحطب وعري الجسد ونخس الحمير بطريق نبيهم محمد (صلى الله عليه وسلم) بعد وفاته، ثم تفكر فيما كان يجابهه في حياته من سوء المعاملة وقبح الصحبة، وما جاز به أهل بيت نبيهم بعد وفاته) [(الطرائف في معرفة مذهب الطوائف) ص417].

وكتب عن عثمان رضي الله عنه ثالث الخلفاء الراشدين.

(وقام الثالث كالغراب همته بطنه، ويله لو قُصّ جناحه وقطع رأسه لكان خيراً له) [(الطرائف في معرفة مذهب الطوائف) ص417].

وأما حجة القوم ومجددهم، فقييهم ومحدثهم الملا باقر المجلسي الذي يسمونه خاتم المحدثين وإمام الأخباريين، فهو إمامهم في الدجل والكذب، واللعن والطعن، وإنه لفاق الأولين في الإفك والبهتان، والافتراء والهذيان، وجاوز جميع الحدود الأخلاقية واللاأخلاقية، فلقد بوّب في كتابه (حق اليقين) باباً مستقلاً بعنوان (بيان كفر أبي بكر وعمر) وكتب تحته:

(ومن المعلوم أن حضرة فاطمة وحضرة الأمير عليهما السلام كانا يعدان أبا بكر وعمر منافقين، ظالمين، غاصبين، كما كانا يعدانهما كاذبين، ومدعين خلاف الحق، وعاقين للإمام).

والمعلوم أن من فارق الجماعة وترك الطاعة للإمام ومات، مات ميتة الجاهلية، ومروي أيضاً أنه من مات وليس في عنقه ربقة من طاعة الإمام، أو فارق الجماعة شبراً فإنه مات ميتة جاهلية، والمعلوم أيضاً أن الصديقة الطاهرة (فاطمة) ماتت غير راضية عن أبي بكر [كذب عدو الله ولم يتذكر أنه روى نفسه أن فاطمة رضيت عن أبي بكر قبل وفاتها كما رضيت عن عمر كما مر بيانه وسيأتي غضب فاطمة على عليّ رضي الله عنهما

وذلك مع أن رضاها وعدم رضاها ليس سبباً للإسلام والكفر فإنها رضي الله عنها غضبت على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يقل أحد بأنه خرج بذلك عن الإسلام.

وقد روى ذلك الشيعة أنفسهم في كتبهم.

فمنها ما رواه ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق في كتابه عن أبي عبد الله (جعفر) الإمام السادس المعصوم عند القوم أنه سئل:

(هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به؟

قال: فتغير لون أبي عبد الله (ع) من ذلك واستوى جالساً ثم قال:

إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لها: أما علمت أن علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول؟ فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهاداً وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى، ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء عليّ فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي، فاستحى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله، ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكئ عليه، فلما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) ما بفاطمة من الحزن أفاض عليها الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد، وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحز والغم، وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء فلماء رآها النبي (صلى الله عليه وسلم) أنها لا يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها: قومي يا بنية فقامت، فحمل النبي (صلى الله عليه وسلم) الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي (ع) وهو نائم فوضع النبي (صلى الله عليه وسلم) رجله على رجل عليّ فغمزه وقال: قم يا أبا تراب! فكم ساكن أزعجته ادع لي أبا بكر من داره، وعمر من مجلسه، وطلحة، فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا علي! أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني [ومن الغرائب أن هذا الحديث لم يرد إلى بخصوص علي رضي الله عنه حسب رواية القوم ولكنهم يحولونها إلى الصديق رضي الله عنه، وعلى ذلك قال ابن تيمية رحمة الله عليه: فإن كان هذا وعيداً لاحقاً بفاعله لزم أن يلحق هذا الوعيد علي بن أبي طالب، وإن لم يكن وعيداً لاحقاً بفاعله كان أبو بكر أبعد عن الوعيد من علي (المنتقى للذهبي)]، من آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي) (علل الشرائع للقمي ص185، 186 ط نجف، أيضاً أورد هذه الرواية المجلسي في كتابه (جلاء العيون) الفارسي).

وغضبت عليه أيضاً مرة أخرى حينما رأت رأس عليّ في حجر جارية أهديت له من قبل أخيه، وها هو النص:

يروي القمي والمجلسي عن أبي ذر أنه قال:

كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة، فاهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي (ع) تخدمه، فجعلها علي (ع) في منزل فاطمة، فدخلت فاطمة عليه السلام يوماً فنظرت إلى رأي علي عليه السلام في حجر الجارية، فقالت: يا أبا الحسن! فعلتها؟ [انظر إلى ركاكة التعبير وسخافة القوم. والبهتان والافتراء على أهل بيت النبوة صلى الله عليه وسلم من قبل القوم الذين يدّعون محبة أهل البيت وولاءهم، وأهل البيت من مثل هذه السخافات براء] فقال: والله يا بنت محمد! ما فعلت شيئاً، فما الذي تريدين؟ قالت: تأذن لي في المسير إلى منزل أبي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال لها: قد أذنت لك، فتجلببت بجلبابها، وأرادت النبي (صلى الله عليه وسلم)) (علل الشرائع ص163 ط نجف وأيضاً (بحار الأنوار) ص43، 44، باب كيفية معاشرتها مع علي)

وغضب عليه مرة ثالثة كما يرويه القوم.

(إن فاطمة رضي الله عنها لما طالبت فدك من أبي بكر امتنع أبو بكر أن يعطيها إياها فرجعت فاطمة عليها السلام وقد جرعها من الغيظ ما لم يوصف ومرضت، وغضبت على عليّ لامتناعه عن مناصرته ومساعدته إياها وقالت: يا ابن أبي طالب! اشتملت مشيئمة الجنين وقعدت حجرة الظنين بعد ما أهلكت شجعان الدهر وقاتلتهم، والآن غلبت من هؤلاء المخنثين، فهذا هو ابن أبي قحافة يأخذ مني فدك التي وهبها لي أبي جبراً وظلماً ويخاصمني ويحاجني، ولا ينصرني أحد فليس لي ناصر ولا معين وليس لي شافع ولا وكيل، ذهبت غاضبة ورجعت حزينة، أدللت نفيس، تأتي الذئاب وتذهب ولا تتحرك، يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً، إنما أشكو إلى أبي وأختصم إلى ربي) ((حق اليقين) للمجلسي بحث فدك ص203، 204، ومثله في (الاحتجاج) للطبرسي و(الأمالي) ص295 ط نجف).

وهناك وقائع أخرى ذكرها كل من المجلسي والطوسي والأربلي وغيرهم وقعت بين علي رضي الله عنه وبين فاطمة رضي الله عها التي سببت إيذاءها ثم غضبها على عليّ.

ولا ندري بماذا يجيب عليها القوم، وبماذا يحكم المنصفون منهم؟

فنحن نرضاهم حكماً ومجيبين، فما هو جوابهم عن علي فهو جوابنا عن الصديق والفاروق رضي الله عنهم أجمعين.

فإن قالوا إنها رضيت عن عليّ بعدما غضبت عليه فنقول: إنها رضيت أيضاً عن الشيخين بعدما غضبت (فمشى إليها أبو بكر بعد ذلك وشفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه) (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص57 ط بيروت، حق اليقين ص180 ط طهران، أيضاً شرح النهج لابن ميثم ج5 ص507 ط طهران، و(شرح النهج) للدنبلي ص331 ط طهران)]، وكانت تراه على الضلالة والبطلان، وليس هذا فحسب، بل كل من اعتقد بإمامة أبي بكر وقال بها فإنه أيضاً مات ميتة جاهلية وكفر وضلالة .. وعمر كذلك) [(حق اليقين) للمجلسي ص204، 205 ط إيران].

ويكتب متمادياً في غلوائه وعدائه للرسول في أصحابه:

(إن أبا بكر مرة سئل عن الكلالة فأجاب، ثم قال: إن كان حقاً فمن الله، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان، ولنعم ما قاله أبو بكر حيث جعل نفسه قريناً للشيطان وسيكون قرينه في جهنم أيضاً ويمكن أن يكون مراده من الشيطان عمر) [(حق اليقين) ص206 وهل هناك أحد من دعاة التقريب المنخدع من بعض قول القوم، أو الجاهل المخدوع، أو المتجاهل البائع الضمير يتحرك غيرته من هذا الكلام الشنيع والسب القبيح؟ أم لم يبق فيهم ولا رمق من الحمية الإسلامية والنخوة الأصيلة الشرعية، فمن لا يغير لأم المؤمنين بنص القرآن فلا يغير لأمه، ومن لا يغير لأحب الناس إلى الرسول لا يغير لأحب الناس إليه نفسه].

وبوب هذا اللعين باباً مستقلاً بعنوان (بيان قليل من البدع والأعمال القبيحة والأفعال الشنيعة التي ارتكبها عمر الخليفة الثاني للسنة) [ومن يخبر هذا النابح أ الذي يلقبه بخليفة للسنة فقد كان خليفة لعلي بن أبي طالب وأولاده وأعمامه وإخوانه وبني إخوته وأخواته وأسرته كلها، وهو كان واحداً من وزرائه ومستشاريه وقضاته، كما أعطاه ابنته، وغبطه بأعماله كما مرّ سابقاً بالتفصيل ويذكر المصادر والمراجع].

ثم يقول: إن المطاعن والمثالب لمنبع الفتن هذا زائدة وكثيرة لا تسعها كتب مبسوطة ومفصلة، فكيف يسعه هذا الكتاب؟ فقد كان شريكاً لأبي بكر في جميع مثالبه ومعايبه، بل كانت خلافته من إحدى جرائمه) [(حق اليقين) للمجلسي ص219 ط إيران].

و (عمر كان يعرف بأنه كافر ومنافق، وعدو لأهل البيت (عياذاً بالله من هذا المهاتر المهرج الخبيث)، وفي عنقه وزر جميع الشهداء) [(حق اليقين) للمجلسي ص223].

فشركما لخيركم الفداء

وينتهي أخيراً في السب والشتم والطعن في الفاروق الأعظم بكلمته:

(وأما ما ذكر في الكتب المبسوطة من دنائة نسب عمر وحسبه، وكونه ولد الزنا فلا يسعه هذا المختصر) [(حق اليقين) للمجلسي ص259].

ثم ويقول في ذي النورين رضي الله عنه مثل ما قاله في الصديق والفاروق رضي الله عنهما:

إن كبار الصحابة اتفقوا على تفسيقه وتكفيره - كذبت يا عدو الله وابن اليهودية والمجوسية - وشهدوا عليه بالكفر .. وكان حذيفة يقول: الحمد لله، لا أشك في كفر عثمان، أما الذي أشك فيه هو هل كان قاتله من الكفار قتل كافراً، أم كان مؤمناً قد زاد إيمانه من جميع المؤمنين، وأيضاً إن الذي يعتقد في عثمان بأنه قتل مظلوماً يكون ذنبه أشد من ذنب الذين عبدوا العجل) [(حق اليقين) ص270].

(والدليل الناطق على كفر عثمان أن أمير المؤمنين (علي رضي الله عنه) كان يبيح قتله، ولم يكن يرى فيه بأساً) [(حق اليقين ص271].

و (إن الدليل على أن عثمان كان يعدّه أمير المؤمنين كافراً أنه تركه ونعشه يأكله الكلاب، وقد ذهبت بإحدى رجليه (انظر العداوة والبغضاء اليهودية كيف تتدفق من الكلمات اللاذعة التي تظهر ما في القلوب من الضغائن ضد حملة الإسلام في قناع حب عليّ وأهله، وعلي وأهله منهم براء) وبقي جسده ثلاثة أيام مرمياً كالكلاب في المزبلة تأكله الكلاب (نعم! كلاب مثلك) ولم يصلّ علي عليه) [(حق اليقين) للمجلسي ص273، 274 ط طهران إيران].

هذا ومثل هذا لا تعدّ ولا تحصى، ولا أستطيع حتى وأن أنقلها، ثم وهذا الكلب العقور لا يذكر الصديق والفاروق وذا النورين وحتى أمهات المؤمنين، الصديقة، وحفصة اللاتي هن أمهات لعليّ، وسائر المؤمنين من بني هاشم بنص القرآن، لا يذكرهم المجلسي هذا إلا ويذكرهم ويذكرهن موصوفون وموصوفات باللعن، وقلّ أن يذكرهن خاصة بدون هذه الشتيمة.

وقبل أن ننقل عبارة لتمثيل هذا نسأل جميع من لهم قلوب يفقهون بها من الشيعة، هل يمكن لابن الحلال أن يسبّ ويشتم أمه، ويلعنها؟

فكيف استطاع أن يلعن أم جميع المؤمنين وأهل البيت أيضاً؟

فهل اللاعن علي أم أهل البيت مؤمن ومسلم؟ فعدلاً يا عباد الله.

أو منكر ولاية علي بن أبي طالب كافر؟ وهو منكر المعنى الذي يقرّها الشيعة.

ومنكر أمه وشاتمها، ولاعنها ومكفرها، ماذا تقولون فيه؟

وإليك قصة بديعة لم يكن أن يختلقها إلا مثل المجلسي الأفاك الكذاب الأثيم بعبارته والترجمة، فيقول:

إن العياشي روى بسند معتبر عن الصادق (ع) أن عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما - يا رباه! إلى متى هؤلاء يأكلون أجساد الأتقياء البررة، وإلى متى تمهلهم من شديد عذابك، وبطشك؟ - قتلتا رسول الله بالسم دبرتاه) [(حياة القلوب) للمجلسي ج2 ص700 ط جديد طهران].

هذه خرافة واحدة من الكثيرة الكثيرة التي كتب القوم منها مليئة، ولا يخلوا كتاب من كتبهم إلا وفيه ما ذكرناه من شتم صريح وسب قبيح، وتفسيق باهر وكفر ظاهر للخلفاء الراشدين الثلاثة وأمهات المؤمنين [ولقد كذب القمي مفسرهم أن الآية ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا نزلت في عائشة (تفسير القمي ج2 ص319) والأكاذيب كهذه والهفوات ما أكثرها] رضوان الله عليهم أجمعين.

اللهم إلا ما كتب نفاقاً وتقية وخداعاً للمسلمين، وإظهار للود والتقرب إليهم،

فلم أر ودهم إلا خداعاً - ولم أر دينهم إلا نفاقاً.

فهذا هو دينهم الذي يدينون به، وهذه هي معتقداتهم التي يعتقدونها، وهذا هو موقفهم تجاه الصديق والفاروق وذي النورين خلفاء النبي الراشدين المهديين، المخالف لكتاب الله، الثقل الأكبر عندهم، والمعارض لتعاليم أهل البيت الثقل الأصغر عندهم، فهم الذين يقال لهم كما يروون في كتبهم.

أما الأكبر فهجرتموه وأعرضتم عنه لقولكم: إنه محرف ومغير فيه، قد نقص منه كثير وحذف منه غير قليل، ولا يوجد النسخة الأصلية منه إلا عند الغائب الذي لم يخرج من ألف عام ولن يخرج أبد الدهر كما أثبتناه بالدلائل التي لا تقبل الشك ولا أحد يستطيع أن يردها في كتابنا (الشيعة والسنة) [وقد قال الصدوق أحد الأربعة الذين يقولون عنه بأنه ينكر التحريف من الأولين قاطبة والذي قلنا عنه إن لا ينكره هو أيضاً اللهم إلا تقية، فهو الصدوق يقول وقد صدق ما قلناه عنه آنذاك، يقول:

نزلت في علي عليه السلام ثمانون آية صفوا في كتاب الله عز وجل ما شركه فيها أحد من هذه الأمة) ((كتاب الخصال) للقمي الملقب بالصدوق 2 ص592). فأين هذه الآيات؟].

وأما الأصغر فكذبتموه وخالفتموه حيث أنهم يحبون الخلفاء الثلاثة ويمدحونهم وأنتم تبغضونهم وتشتمونهم، وأهل البيت يتولونهم ويتوددون إليهم وأنتم تعادونهم وتبرؤون عنهم، وهم يثنون عليهم وعلى إسلامهم وأنتم تكفّرونهم وتنكرون إسلامهم، وهم يبايعونهم وينوبون عنهم ويعدونهم أئمة حق وعدل وأنتم تعدّونهم غاصبين، غادرين وخائنين، وهم يزوجونهم بناتهم ويسمون أبنائهم بأسمائهم وأنتم تتهمونهم بتهم لا يتهم بها عامة الناس فضلاً عن الخاصة، وتكرهون أسمائهم والنسبة إليهم، فأنتم في جانب، وأهل البيت في جانب آخر.

وليس هذا فحسب، بل هم ينكرون على من أنكرهم وفضلهم، ويشددون على من يبغضهم ويتكلم عليهم ويطعن فيهم.